وفاضت سعادة جديدة في أعماق الدكتور رجب لمجرد أنه علم أن هناك فلفا أخضر، والتهم الأكل في لذة، وشرب كوب الماء المثلج، ثم قام وغسل يديه، وأسرع إلى السرير، وتمدد في سعادة، وهو يفكر في سهرة الليلة، كيف وأين يمضيها؟! وهرش رأسه، وهمس في نفسه: النهاردة إيه؟ النهاردة إيه؟ آه! النهاردة الخميس، أيوه الخميس، يا خبر! ده أنا عندي ميعاد الليلة مع سهير، أنا مغفل صحيح، كنت حانسى سهير!
وانفرجت شفتاه قليلا عن ابتسامة هانئة، واقتربت جفونه في تراخ شديد، وراح في سبات عميق.
ضعف
حبيبتي سعاد.
كم كنت قاسيا معك آخر مرة، وكم قضيت أياما حزينة بسببي يا حبيبتي وأنت بريئة طاهرة تستحقين كل سعادة الدنيا، لكن شيئا واحدا يطمئنني عليك، هو قوتك، كنت أقول دائما سعاد لا يهزمها شيء.
أذكر يا حبيبتي كلامك آخر لقاء، واتهامك لي بالكذب والخداع، وأذكر عينيك الجميلتين وهما ترفضان في كبرياء وقوة أن تفرجا عن دمعات حبيسة ظلت تترقرق وتتوسل ثم اختفت تدريجا لا أدري كيف، أنت «إنسانة» قوية يا سعاد، لا تخافين شيئا، الحياة بالنسبة لك بكل مصاعبها ومشاكلها لعبة صغيرة كالشطرنج، تنقلين قطعها بهدوء وثقة، فإذا انتصرت لم تفرحي كأنما الانتصار عادتك، وإذا فشلت بدأت من جديد مرة أخرى بهدوء وثقة وكأن شيئا لم يحدث.
حتى الحب، ذلك السر الضخم الذي ترتعد له الفرائص، الحب، تلك الكلمة الرهيبة التي تطوي في أعماقها عالما كله ألغاز، الحب أنت تمارسينه ببساطة وسهولة كما تنقلين قطعة الشطرنج من مربع إلى مربع.
لا أقول إنك مخادعة، لكنك أقوى من الحياة التي حولك حتى إن أصعب ما فيها لا يخرجك عن وعيك.
كنت أتمنى أن أرى في عينيك يوما خوفا مني، لا أدري لماذا؟ لعلي كنت أريد منك تأكيدا لقوتي، لكني كنت ألمح فيهما شيئا آخر، يجعلني أرهب ما ينطوي في أعماقك، أرهب شيئا خيل إلي أنه أقوى مني وأنني سأظل أبدا ضعيفا أمامه، وكنت أهرب دائما من هذا الشيء، وأطلق ساقاي للريح بعيدا عنه.
لا تدهشي يا سعاد، كنت تتهمينني دائما بالقسوة معك، وقسوتي لم تكن إلا ستارا لضعفي أمامك.
Shafi da ba'a sani ba