وكانت الأحداث تسير بسرعة ... ولكي يرضي البريطانيون المسلمين ويخففوا بعض ما يلاقونه قرروا في يوليه 1905 تقسيم البنغال، ومع أنه كان في هذا العمل ترضية للمسلمين ورد بعض الحق والإنصاف إليهم، إلا أنه سرعان ما ألغي هذا القرار في عام 1911، وهنا أخذ الهندوس في ضم صفوفهم لتنظيم المعارضة. وقد أتاح تقسيم البنغال للمسلمين في شرقيها فرصا جديدة رحبوا بها، ولكن معارضة الهندوس كانت شديدة. وكان أن اضطربت النفوس، واضطر المسلمون الذي كانوا مبتعدين عن الجو السياسي إلى أن يقلعوا عن هذه السياسة، ولما زاد الهياج في الخواطر اضطروا إلى أن يوفدوا وفدا منهم للورد منتو ب «سملا»، وكان ذلك في أول أكتوبر عام 1906، ونجح الوفد في استخلاص بعض الدوائر الانتخابية الخاصة بالمسلمين. وكان هذا الوفد من أقوى الوفود التي اتصلت بحكومة الهند، وكان مكونا من 36 عضوا يمثلون كل الأقاليم وكل الطبقات المتعلمة، وكان مطلبه الأول من الحكومة السماح للمسلمين بتمثيل أنفسهم في إدارة البلاد والاعتراف بمركزهم بوصفهم فئة مستقلة عن الأمة.
وقد مهدت هذه الأحداث لغيرها من الحوادث السياسية عام 1906، حيث عقد الاجتماع التاريخي الأول الذي وضع فيه أساس حزب الرابطة لكل مسلمي الهند ، وهو الحزب الذي كان له أكبر أثر في المصير السياسي لشبه القارة فيما بعد، وقد تأسس هذا الحزب وكان من أول أهدافه كفالة حقوق المسلمين السياسية.
وقد استغل حادث تقسيم البنغال في إثارة حفيظة المتطرفين من الهندوس، وهنا ثار الشعور الديني وبدأت الاضطرابات الطائفية.
وكان تكوين حزب الرابطة الإسلامية بداكا أول خطوة اتخذت في سبيل الوحدة وفي سبيل الشعور بالواقع والحقائق السياسية بين المسلمين. وفي أول اجتماع عقده هذا الحزب وجه إنذارا للحكومة ضمنه عدم رضائه عن إلغاء تقسيم البنغال وجزعه من أي إجراء مثل هذا، لأن تقسيم البنغال كان أمر حياة أو موت لمسلمي البنغال الشرقية. ونما حزب الرابطة وأصبحت له مكانة مرموقة بين الجماهير حتى افتتح له فرعا في لندن، وفي عام 1909 انتخب أغاخان رئيسا للحزب، وكان أكبر همه أن يمحو الأمية السائدة بين المسلمين.
وفي عام 1909 رأى المسلمون في المقترحات التي تقدمت بها لجنة «منتور مورلاي» بصيصا من الأمل، وذلك لأنها اعترفت بحقهم في دوائر انتخابية مستقلة.
وفي سنة 1911 اهتز كيان المسلمين نتيجة للقرار الذي اتخذته الحكومة البريطانية بإلغاء تقسيم البنغال برغم الوعود والتعهدات التي أخذتها على نفسها من قبل، مما أثر في نفوس مسلمي الهند.
وفي هذه الظروف الحرجة ألف حزب الرابطة الإسلامية لجنة لوضع برنامج للمستقبل، وطالبت الرابطة لأول مرة بضرورة تأسيس حكومة ذاتية للهند.
وفي هذه الأثناء، أعلن قيام الحرب الكبرى ضد ألمانيا، وانتهز الحزبان الكبيران بالهند، وهما حزب المؤتمر وحزب الرابطة، هذه الفرصة ليطالبا بتعديلات جوهرية في نظام الإدارة بالهند، وظهر تعاون الحزبين في كثير من المسائل، ووقف رئيس حزب الرابطة يخطب في الدورة الثانية التي عقدها حزب المؤتمر في بومباي عام 1915، مما اعتبر تعاونا لم يشهد مثله تاريخ الإمبراطورية الهندية البريطانية من قبل.
وبدأ حزب الرابطة يتحدى السلطة حين عدل عن إظهار شعوره وإخلاصه للحكومة البريطانية، وراح يعرب عن غضبه وتأثره للحركة التي أدت إلى حبس مولانا محمد علي وشوكت علي وظفر علي خان وإلى مصادرة صحف المسلمين استنادا إلى قانون الصحافة الذي كان معمولا به يومئذ.
وطلب الزعيم الخالد الذكر محمد علي جناح من حزب الرابطة الإسلامية في كل الهند تأليف لجنة يناط بها وضع الإصلاحات التي تراها مع السماح لها بالتفاهم مع المنظمات السياسية الأخرى. وفي نوفمبر 1916 اجتمعت لجنة من حزب المؤتمر الهندي بحزب الرابطة الإسلامية في كلكتا، ثم اجتمعا ثانية بلكناو في ديسمبر من العام نفسه وذلك بغية وضع تفاصيل المقترحات التي يريانها للتمهيد لإقامة الحكومة الذاتية.
Shafi da ba'a sani ba