Tabeen al-Haqa'iq Sharh Kanz al-Daqa'iq wa Hashiyat al-Shalabi

Fakhr Din Zaylaci d. 743 AH
132

Tabeen al-Haqa'iq Sharh Kanz al-Daqa'iq wa Hashiyat al-Shalabi

تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي

Mai Buga Littafi

المطبعة الكبرى الأميرية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1314 AH

Inda aka buga

القاهرة

يَسْكُتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّكُوتُ إجْمَاعًا وَحَدِيثُ عُبَادَةَ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ. وَقَوْلُهُ رُكْنٌ مِنْ الْأَرْكَانِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ قُلْنَا نَعَمْ لَكِنَّ حَظَّ الْمُقْتَدِي الْإِنْصَاتُ وَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ وَقَعَ عَنْهُمَا فَيُجْزِيهِ وَلِهَذَا يُجْزِيهِ إذَا كَانَ مَسْبُوقًا بِالْإِجْمَاعِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ عَلَى مَا قَالَهُ ﵊ «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ» قَالَ ﵀ (وَيُنْصِتُ وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ أَوْ خَطَبَ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ﷺ)؛ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ وَالْإِنْصَاتَ فَرْضٌ بِالنَّصِّ وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِ الْقِرَاءَةِ، وَكَذَا الْإِمَامُ نَفْسُهُ لَا يَشْتَغِلُ بِالدُّعَاءِ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ مَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إلَّا سَأَلَهَا وَآيَةِ عَذَابٍ إلَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ» مَحْمُولٌ عَلَى النَّوَافِلِ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَطْوِيلًا عَلَى الْقَوْمِ وَقَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَكَذَا فِي الْخُطْبَةِ يُنْصِتُ وَيَسْتَمِعُ وَإِنْ صَلَّى الْخَطِيبُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ فَرْضٌ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ الْخَطِيبُ قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦] فَيُصَلِّي السَّامِعُ فِي نَفْسِهِ، وَكَذَا لَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّهُ وَيُشَمِّتُ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ إذْ الْمَجْلِسُ وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ خَطَبَ إلَى آخِرِهِ ظَاهِرُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَرَأَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ فَلَا يَسْتَقِيمُ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِنْصَاتُ وَاجِبًا قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَيَصِيرُ مَعْنَى الْكَلَامِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ فِيهَا وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ أَوْ خَطَبَ وَأَيْضًا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَاقِعَتَيْنِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يُنْصِتُوا إذَا خَطَبَ وَإِنْ صَلَّى الْخَطِيبُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ﵀ (وَالنَّائِي كَالْقَرِيبِ) أَيْ النَّائِي عَنْ الْمِنْبَرِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ كَالْقَرِيبِ مِنْهُ عَلَى الْمُخْتَارِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِمَاعِ لَا يَعْجِزُ عَنْ الْإِنْصَاتِ فَصَارَ كَالْمُؤْتَمِّ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ؛ وَلِأَنَّ صَوْتَهُ قَدْ يَبْلُغُ مَنْ يَسْتَمِعُ الْخُطْبَةَ فَيُشْغِلُهُمْ عَنْ الِاسْتِمَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ) قَالَ ﵀ (الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) أَيْ قَوِيَّةٌ تُشْبِهُ الْوَاجِبَ فِي الْقُوَّةِ حَتَّى اُسْتُدِلَّ بِمُلَازَمَتِهَا عَلَى وُجُودِ الْإِيمَانِ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ: إنَّهَا فَرِيضَةٌ، ثُمَّ مِنْهُمْ مِنْ يَقُولُ: إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ لَهُمْ قَوْلُهُ ﵊ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» وَقَوْلُهُ ﵊ «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامُ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» فَتَارِكُ السُّنَّةِ لَا يُحَرَّقُ عَلَيْهِ بَيْتُهُ فَدَلَّ ــ [حاشية الشِّلْبِيِّ] قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ التَّرْغِيبِ) مِثْلَ آيَاتِ الْجَنَّةِ. اهـ. وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ قَرَأَ إلَى آخِرِهِ قَالَ الْعَيْنِيُّ ﵀ قُلْت فَاعِلُ قَرَأَ هُوَ الْإِمَامُ وَفَاعِلُ خَطَبَ هُوَ الْخَطِيبُ وَهُوَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ غَيْرُ إمَامٍ فَيَكُونُ هَذَا الْعَطْفُ عَطْفَ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ أُخْرَى وَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ فَافْهَمْ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالتَّرْهِيبُ) أَيْ التَّخْوِيفُ مِثْلُ آيَاتِ النَّارِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْإِنْصَاتُ فَرْضٌ بِالنَّصِّ إلَى آخِرِهِ) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤] وَالْإِنْصَاتُ لَا يَخُصُّ الْجَهْرِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ عَدَمُ الْكَلَامِ لَكِنْ قِيلَ: إنَّهُ السُّكُوتُ لِلِاسْتِمَاعِ لَا مُطْلَقًا وَحَاصِلُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَمْرَانِ الِاسْتِمَاعُ وَالسُّكُوتُ فَيُعْمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْأَوَّلُ يَخُصُّ الْجَهْرِيَّةَ وَالثَّانِي لَا فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَجِبُ السُّكُوتُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ وُرُودَ الْآيَةِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ هَذَا وَفِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِمَاعِ فِي الْجَهْرِ بِالْقُرْآنِ مُطْلَقًا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ يَكْتُبُ الْفِقْهَ وَبِجَنْبِهِ رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَلَا يُمْكِنُهُ اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ فَالْإِثْمُ عَلَى الْقَارِئِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ عَلَى السَّطْحِ بِاللَّيْلِ جَهْرًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ يَأْثَمُ وَهَذَا صَرِيحُ إطْلَاقِ الْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ. اهـ. فَتْحٌ مَعَ حَذْفٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْرَأَ الْخَطِيبُ إلَى آخِرِهِ) أَفَادَ وُجُوبَ السُّكُوتِ فِي الثَّانِيَةِ كُلِّهَا أَيْضًا مَا خَلَا الْمُسْتَثْنَى وَرُوِيَ الِاسْتِثْنَاءُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ حَكَى أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِالصَّلَاةِ وَاشْتَغَلَ هُوَ بِالِامْتِثَالِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ مُوَافَقَتُهُ وَالْأَشْبَهُ عَدَمُ الِالْتِفَاتِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالنَّائِي إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ ﵀ فَأَمَّا النَّائِي فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَالْأَحْوَطُ السُّكُوتُ يَعْنِي عَدَمَ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا لَا الْكَلَامَ الْمُبَاحَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْخُطْبَةِ فَكَيْفَ فِي حَالِهَا؛ وَلِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَمِعْ فَقَدْ تُشَوِّشُ هَمْهَمَتُهُ عَلَى مَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ وَهُوَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ اهـ. [بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ] (بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ إلَى آخِرِهِ) لَكِنْ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْفَرْضِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالرَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقِيلَ: إنَّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ وَقَوْلُهُ الْآخَرُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا وَبِهِ قَالَ دَاوُد وَأَصْحَابُهُ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَأَقَلُّ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجَمَاعَةُ اثْنَانِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِمَامِ وَاحِدٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ»؛ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ بِهِ الِاجْتِمَاعُ اثْنَانِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا يَعْقِلُ اهـ

1 / 132