Tabsirat Hukkam

Ibn Farhun d. 799 AH
77

Tabsirat Hukkam

تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام

Mai Buga Littafi

مكتبة الكليات الأزهرية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1406 AH

Inda aka buga

مصر

يَثِقْ بِصِحَّتِهِ نَظَرَ، فَإِنْ وَجَدَهُ مُوَافِقًا لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّخْرِيجِ مِثْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ لَمْ يَجِدْهُ مَنْقُولًا فَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْكِيَهُ عَنْ إمَامِهِ فَلَا يَقُولُ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَثَلًا كَذَا، وَكَذَا وَلْيَقُلْ وَجَدْت عَنْ الشَّافِعِيِّ كَذَا، وَكَذَا، أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِتَخْرِيجِ مِثْلِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِيهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِلَفْظٍ جَازِمٍ مُطْلَقٍ، فَإِنَّ سَبِيلَ مِثْلِهِ النَّقْلُ الْمَحْضُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا يَجُوزُ لَهُ مِثْلُ مَا جَازَ لِلْأَوَّلِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَذْكُرَ فِي غَيْرِ مَقَامِ الْفَتْوَى مُفْصِحًا بِحَالِهِ فِيهِ فَيَقُولُ: وَجَدْته فِي نُسْخَةٍ مِنْ الْكِتَابِ الْفُلَانِيِّ أَوْ مِنْ كِتَابِ فُلَانٍ لَا أَعْرِفُ صِحَّتَهَا، أَوْ وَجَدْت عَنْ فُلَانٍ كَذَا، وَكَذَا، أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ كَذَا، وَكَذَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ. وَسُئِلَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْمُقَلِّدِ وَالْمُفْتِي يَأْخُذُ بِقَوْلٍ يُنْسَبُ إلَى إمَامِهِ، وَلَا يَرْوِيهِ هَذَا الْمُفْتِي عَنْ صَاحِبِ مَذْهَبِهِ، وَإِنَّمَا حَفِظَهُ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَهِيَ غَيْرُ مَرْوِيَّةٍ، وَلَا مُسْنَدَةٌ إلَى مُؤَلِّفِيهَا، فَهَلْ يَسُوغُ لِمَنْ هَذِهِ حَالُهُ الْفُتْيَا أَمْ لَا؟ . وَهُوَ سُؤَالٌ طَوِيلٌ فِيهِ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ فَأَجَابَ عَنْ هَذَا الْفَصْلِ بِأَنْ قَالَ: وَأَمَّا الِاعْتِمَادُ عَلَى كُتُبِ الْفِقْهِ الصَّحِيحَةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا فَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْعَصْرِ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الثِّقَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِهَا كَمَا تَحْصُلُ بِالرِّوَايَةِ، وَكَذَلِكَ قَدْ اعْتَمَدَ النَّاسُ عَلَى الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالطِّبِّ وَسَائِرِ الْعُلُومِ لِحُصُولِ الثِّقَةِ بِذَلِكَ وَبُعْدِ التَّدْلِيسِ، وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّاسَ اتَّفَقُوا عَلَى الْخَطَأِ فِي ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى بِالْخَطَإِ مِنْهُمْ، وَلَوْلَا جَوَازُ اعْتِقَادِ ذَلِكَ لَتَعَطَّلَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالطِّبِّ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ رَجَعَ الشَّرْعُ إلَى أَقْوَالِ الْأَطِبَّاءِ فِي صُوَرٍ، وَلَيْسَتْ كُتُبُهُمْ فِي الْأَصْلِ إلَّا عَنْ قَوْمٍ كُفَّارٍ، وَلَكِنْ لَمَّا بَعُدَ التَّدْلِيسُ فِيهَا اعْتَمَدَ عَلَيْهَا، كَمَا اعْتَمَدَ فِي اللُّغَةِ عَلَى أَشْعَارِ كُفَّارٍ مِنْ الْعَرَبِ لِبُعْدِ التَّدْلِيسِ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: قَالَ الصَّيْمَرِيُّ قَلَّمَا وُجِدَ التَّزْوِيرُ عَلَى الْمُفْتِي، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - حَرَسَ أَمْرَ الدِّينِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ. مَسْأَلَةٌ: وَمِثْلُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ (الْإِحْكَامُ فِي تَمْيِيزِ الْفَتَاوَى عَنْ الْأَحْكَامِ) فَقَالَ كَانَ الْأَصْلُ يَقْتَضِي أَنْ لَا تَجُوزَ الْفُتْيَا إلَّا بِمَا يَرْوِيهِ الْعَدْلُ عَنْ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ الْمُفْتِي حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُفْتِي كَمَا تَصِحُّ الْأَحَادِيثُ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِدِينِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَعَلَى

1 / 77