Tabsirat Hukkam

Ibn Farhun d. 799 AH
1

Tabsirat Hukkam

تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام

Mai Buga Littafi

مكتبة الكليات الأزهرية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1406 AH

Inda aka buga

مصر

[خِطْبَة الْكتاب] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَبِهِ نَسْتَعِينُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْمَلَ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ دِينَهُ الْقَوِيمَ وَهَدَى بِهِ مَنْ شَاءَ إلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَأَسَّسَ شَرْعَهُ الْمُطَهَّرَ عَلَى أَحْسَنِ الطَّرَائِقِ وَأَحْكَمِ الْقَوَاعِدِ وَشَيَّدَهُ بِالتَّقْوَى وَالْعَدْلِ وَجَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ، وَأَيَّدَهُ بِالْأَدِلَّةِ الْمُوَضِّحَةِ لِلْحَقِّ وَأَسْبَابِهِ الْمُرْشِدَةِ إلَى إيصَالِ الْحَقِّ لِأَرْبَابِهِ، وَحَمَاهُ بِالسِّيَاسَةِ الْجَارِيَةِ عَلَى سَنَنِ الْحَقِّ وَصَوَابِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ﷾: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ [الأنعام: ١١٥] فَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَاتِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي تَمَّتْ دَلَائِلُهُ وَحُجَجُهُ وَأَوَامِرُهُ وَنَوَاهِيهِ وَأَحْكَامُهُ وَبِشَارَتُهُ وَنِذَارَتُهُ وَأَمْثَالُهُ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣] الْآيَةَ. وَلَمَّا كَانَ عِلْمُ الْقَضَاءِ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ قَدْرًا وَأَعَزَّهَا مَكَانًا وَأَشْرَفَهَا ذِكْرًا؛ لِأَنَّهُ مَقَامٌ عَلِيٌّ وَمَنْصِبٌ نَبَوِيٌّ بِهِ الدِّمَاءُ تُعْصَمُ وَتُسْفَحُ، وَالْأَبْضَاعُ تَحْرُمُ وَتُنْكَحُ، وَالْأَمْوَالُ يَثْبُتُ مِلْكُهَا وَيُسْلَبُ، وَالْمُعَامَلَاتُ يُعْلَمُ مَا يَجُوزُ مِنْهَا وَيَحْرُمُ وَيُكْرَهُ وَيُنْدَبُ، وَكَانَتْ طُرُقُ الْعِلْمِ بِهِ خَفِيَّةَ الْمَسَارِبِ مَخُوفَةَ الْعَوَاقِبِ، وَالْحِجَاجُ الَّتِي يُفْصَلُ بِهَا الْأَحْكَامُ مَهَامِهُ يَحَارُ فِيهَا الْقَطَا وَيَقْصُرُ فِيهَا الْخُطَا، كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِتَقْرِيرِ أُصُولِهِ وَتَحْرِيرِ فُصُولِهِ مِنْ أَجَلِّ مَا صُرِفَتْ لَهُ الْعِنَايَةُ وَحُمِدَتْ عُقْبَاهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ﵀: كَانَ الرِّجَالُ يَقْدُمُونَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ الْبِلَادِ لِيَسْأَلُوا عَنْ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ، وَلَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ أَعْلَمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

1 / 1