[ شواهد الحدوث ]
فإن قيل: وما هذه الأحول التي ادعيتم أن الأجسام لا يجوز انفكاكها منها؟
قيل له: هي الأحوال التي أثبتناها في صدر هذه الفصل، وهي كونها متحركة وساكنة، ومجتمعة ومتفرقة، وكون التراب ترابا، ثم كونه نطفة، ثم كونه مخلقة، ثم كونه مضغة، ثم كونه عظاما، ثم كسونا العظام لحما، ثم كون الإنسان طفلا، ثم كونه ناشئا، ثم كهلا، ثم مردودا (¬1) إلى أرذل العمر، فهذه الأحوال هي التي يعلم أن الأجسام لا تنفك من بعضها أو مثلها، وقد علمنا أنه لا يجوز أن تحصل عليها إلا بالفاعل المدبر، فوجب بهذه الجملة إثبات الصانع، فإذا عرف المكلف بما ذكرنا وقلنا من إثبات الصانع، وجب عليه أن يعلم أنه قادر، عالم، حي، سميع، بصير، قديم.
[ القادر ]
فإن قيل: فما الدليل على أنه تعالى قادر؟
قيل له: الذي يدل على ذلك، أنا وجدنا في الشاهد من لا يتعذر
عليه الفعل مفارقا لمن يتعذر عليه، فلا بد من اختصاصه بصفة لكونه عليها فارق من يتعذر منه الفعل، فإذا ثبت ذلك وثبت أن صانع العالم لا يتعذر منه الفعل إذ قد بينا أنه هو الفاعل لهذا العالم ثبت اختصاصه بتلك الصفة، والقادر هو المختص بتلك الصفة، فثبت أنه تعالى قادر.
[ العالم ]
فإن قيل: فما الدليل على أنه عالم؟
Shafi 33