Tabsira
التبصرة
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Inda aka buga
بيروت - لبنان
طَائِفَةٌ، فَإِذَا رَأَى سُلَيْمَانُ مَا قَدْ كَثُرَ مِنَ الْمَوْتِ نَادَاهُ: يَا أَبَتَاهُ قَدْ مَزَّقْتَ الْمُسْتَمِعِينَ كُلَّ مُمَزَّقٍ وَمَاتَتْ طَوَائِفُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الرُّهْبَانِ وَمِنَ الْوُحُوشِ. فَيَقْطَعُ النِّيَاحَةَ وَيَأْخُذُ فِي الدُّعَاءِ وَيُغْشَى عَلَيْهِ، فَيُحْمَلُ عَلَى سَرِيرٍ فَإِذَا أَفَاقَ قَالَ سُلَيْمَانُ: مَا فَعَلَ فُلانٌ وَفُلانٌ؟ فَيَقُولُ: مَاتُوا. فَيَقُومُ فَيَدْخُلُ بَيْتَ عِبَادَتِهِ وَيُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَهُ وَيُنَادِي: أَغَضْبَانٌ أَنْتَ عَلَى دَاوُدَ إِلَهَ دَاوُدَ؟ أَمْ كَيْفَ قَصَرْتَ بِهِ أَنْ يَمُوتَ خَوْفًا مِنْكَ!
قَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ: كَانَ دَاوُدُ ﵇ قَدِ اتَّخَذَ سبع حشايا من شعر وحشاهن بالرماد، ثُمَّ بَكَى حَتَّى أَنْفَذَهَا دُمُوعًا، وَلَمْ يَشْرَبْ شَرَابًا إِلا مَمْزُوجًا بِدُمُوعِ عَيْنَيْهِ، وَكَانَ
لَهُ جَارِيتَانِ قَدْ أَعَدَّهُمَا فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الْخَوْفَ سَقَطَ وَاضْطَرَبَ فَقَعَدَتَا عَلَى صَدْرِهِ وَرِجْلَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ تَتَفَرَّقَ أَعْضَاؤُهُ، وَكَانَ قَدْ نَقَشَ خَطِيئَتَهُ فِي كَفِّهِ لِئَلا يَنْسَاهَا، وَكَانَ إِذَا رَآهَا اضْطَرَبَتْ يَدَاهُ.
وَيُقَالُ: لَوْ وُزِنَتْ دُمُوعُهُ عَدَلَتْ دُمُوعَ الْخَلائِقِ، وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَاتَ حَيَاءً.
إِخْوَانِي: تَأَمَّلُوا عَوَاقِبَ الذُّنُوبِ، تَفْنَى اللَّذَّةُ وَتَبْقَى الْعُيُوبُ، احْذَرُوا الْمَعَاصِيَ فَبِئْسَ الْمَطْلُوبُ، مَا أَقْبَحَ آثَارَهَا فِي الْوُجُوهِ وَالْقُلُوبِ.
الْكَلامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ
(ابْكِ مِنْ جُرْمِكَ خَوْفًا ... فَحَقِيقٌ بِكَ تَبْكِي)
(كَمْ رَكِبْتَ الذَّنْبَ مَغْرُورًا ... وَكَمْ أَسْرَعْتَ فِي الْفَتْكِ)
(وَتَبَرَّجْتَ بِعِصْيَانِكَ قَدْ غَرَّكَ إِمْهَالِي وَتَرْكِي ...)
(مَنْ إِذَا أَلْبَسْتُكَ الذُّلَّ ... يُرَاعِيكَ وَيَشْكِي)
(مَنْ تَرَى يَسْتُرُكَ الْيَوْمَ ... إِذَا عَمَّكَ هَتْكِي)
(كَمْ تَجَرَّدْتَ لِعِصْيَانِي ... وَكَمْ خَالَفْتَ نُسْكِي)
(أَتُرَى تَجْهَلُ عِزِّي ... أَمْ تُرَى تُصْغِرُ ملكي)
1 / 286