(خلقت الْعباد على مَا علمت ... فَفِي الْعلم يجْرِي الْفَتى والمسن)
(على ذَا مننت وَهَذَا خذلت ... وَهَذَا أعنت وَذَا لم تعن)
(فَمنهمْ شقي وَمِنْهُم سعيد ... وَمِنْهُم قَبِيح وَمِنْهُم حسن)
فَقَوله فَفِي الْعلم يجْرِي الْفَتى والمسن رد على الْمُعْتَزلَة فِي جَمِيع مَا يوردونه من الشّبَه فِي التَّعْدِيل والتجوير لأَنهم وَإِن خالفوا فِي الْإِرَادَة لم يُمكنهُم الْخلاف فِي الْعلم لاطباق الْأُمَم على اسْتِحَالَة الْخلاف فِي الْمَعْلُوم
وَقد ورد فِي الْأَخْبَار إِن الله تَعَالَى لما أَمر مُوسَى ﵇ أَن يذهب إِلَى فِرْعَوْن فَقَالَ كَيفَ أذهب وَأَنت تعلم أَنه لَا يُؤمن فَقَالَ افْعَل مَا تُؤمر فَإِن فِي السَّمَاء أثني عشر ملكا يُرِيدُونَ أَن يدركوا علم الْقدر وَلم يدركوه وَإِنَّمَا قَالَه على معنى أَنهم كَانُوا يطْلبُونَ علم قَوْله وَلَا يدركون علم فعله يفعل الله مَا يَشَاء وَيحكم مَا يُرِيد
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ يُنَادي يَوْم الْقِيَامَة مُنَاد أَيْن خصماء الله فَيقوم الْقَدَرِيَّة ووجوههم سود وأعينهم زرق وأفواههم عوج يسيل مِنْهَا اللعاب وهم يَقُولُونَ تالله مَا عَبدنَا من دُونك شمسا وَلَا قمرا وَلَا نتَّخذ دُونك إِلَهًا فَقَالَ ابْن عَبَّاس صدقُوا بِاللَّه فِيمَا قَالُوا وَلَكِن اتاهم الشّرك من حَيْثُ لَا يعلمُونَ ثمَّ تَلا ابْن عَبَّاس قَوْله تَعَالَى يَوْم يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا فَيحلفُونَ لَهُ كَمَا يحلفُونَ لكم وَيَحْسبُونَ أَنهم على شَيْء إِلَّا أَنهم هم الْكَاذِبُونَ ثمَّ قَالَ ثَلَاث مَرَّات أَنهم الْقَدَرِيَّة وَأعلم أَن الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ من فرقهم يعدون فِي فرق الْإِسْلَام وَبَقِي مِنْهُم فريقان آخرَانِ لَا يعدون من فرق الْإِسْلَام نذكرهم فِيمَا بعد من الْفرق الَّذين لَا يعدون فِي فرق الْإِسْلَام إِن شَاءَ الله تَعَالَى
1 / 95