كَافِر وَأَنه فِي منزلَة بَين المنزلتين وحكمهم فِي الْآخِرَة أَنهم مخلدون فِي النَّار مَعَ الْكفَّار وَأَن من خرج مِنْهُم من الدُّنْيَا قبل أَن يَتُوب لم يجز لله تَعَالَى أَن يغْفر لَهُ فَخَالف فِي هَذَا القَوْل جَمِيع الْمُسلمين وَاعْتَزل بِهِ دين الْمُسلمين فطرده الْحسن الْبَصْرِيّ من مَجْلِسه فاعتزل جانبا مَعَ أَتْبَاعه فسموا معتزلة لاعتزالهم مَجْلِسه واعتزالهم قَول الْمُسلمين وَلما أظهر وَاصل هَذِه الْبِدْعَة وَاعْتَزل جانبا وَافقه عَمْرو بن عبيد على هَذِه الْبِدْعَة وَلم يقدرا على إِظْهَار قَوْلهمَا فَلَمَّا عرف النَّاس من وَاصل قَوْله بِالْقدرِ وَكَانُوا يكفرونه بالْقَوْل الأول الَّذِي ابتدعه فِي فساق أهل الْملَّة كَانُوا يضْربُونَ بِهِ الْمثل وَيَقُولُونَ مَعَ كفره قدري فَصَارَ ذَلِك مثلا سائرا بَين النَّاس يضربونه لكل من جمع بَين خَصْلَتَيْنِ فاسدتين وَكَانَ قَوْله مُوَافقا لقَوْل الْخَوَارِج فِي تخليد العصاة فِي النَّار مُخَالفا لَهُم فِي القَوْل بِمَنْزِلَة بَين المنزلتين والمعتزلة بعده تمسكوا بِهَذَا القَوْل وَلِهَذَا قيل فِي الْمُعْتَزلَة أَنهم مخانيث الْخَوَارِج ونسبهم إِسْحَاق بن سُوَيْد إِلَى الْخَوَارِج فِي شعره فَقَالَ
(بَرِئت من الْخَوَارِج لست مِنْهُم ... من الغزال مِنْهُم وَابْن بَاب)
(وَمن قوم إِذا ذكرُوا عليا ... يردون السَّلَام على السَّحَاب)
ثمَّ أحدث وَاصل بِدعَة ثَالِثَة وَذَلِكَ أَن الْمُسلمين كَانُوا فِي عَليّ وَأَصْحَابه وَفِي أَصْحَاب الْجمل الَّذين كَانَت فيهم عَائِشَة وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر على قَوْلَيْنِ فَكَانَت الْخَوَارِج تَقول إِن عَائِشَة وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر كفرُوا بمقاتلتهم عليا وَكَانَ عَليّ يَوْمئِذٍ على الْحق وَلكنه كفر بعد ذَلِك بالتحكيم وَكَانَ الْبَاقُونَ من الْأمة يَقُولُونَ إِن فريقي حَرْب الْجمل كَانُوا مُؤمنين مُسلمين وَلَكِن الْحق كَانَ مَعَ عَليّ ﵁ وَالْآخرُونَ كَانُوا على خطأ اجْتِهَاد لَا يلْزم بِهِ الْكفْر وَلَا الْفسق وَلَا التبري والعداوة ثمَّ إِن وَاصل بن عَطاء خَالف الْفَرِيقَيْنِ وَزعم أَن فريقي حَرْب الْجمل كَانُوا فساقا لَا بِعَيْنِه ورتب على هَذَا فَقَالَ لَو شهد عِنْدِي رجلَانِ من هَذَا الْعَسْكَر وَرجل من ذَلِك الْعَسْكَر لم اقبل فَقيل لَهُ شهد من هَذَا الْعَسْكَر على وَالْحسن
1 / 68