وَمِمَّا اتَّفقُوا عَلَيْهِ من فضائحهم قَوْلهم إِن كثيرا من الْأَشْيَاء تجب على العَبْد من غير أَن يكون من أَمر الله تَعَالَى فِيهِ أَمر مثل النّظر وَالِاسْتِدْلَال وشكر الْمُنعم وَترك الْكفْر والكفران ثمَّ يَقُولُونَ إِن هَذَا العَبْد إِذا أَتَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاء على قَضِيَّة عقله دون أَمر ربه سُبْحَانَهُ وَجب على الله تَعَالَى أَن يثيبه من غير أَن يكون من قبله فِيهِ أَمر أَو خبر أَو وعد أَو وَعِيد أَو تَكْلِيف ثمَّ إِذا أَتَى بِهِ وَجب على العَبْد شكره فَإِذا شكره وَجب على الله ثَوَابه وَهَكَذَا يَدُور الْأَمر بَين العَبْد والرب وَهَذَا يُوجب أَن لَا يتَمَكَّن الرب على قَوْلهم من أَن يخرج الرب من وَاجِبَات العَبْد تَعَالَى الله عَن قَوْلهم من غير أَن يكون عَلَيْهِ تَكْلِيف أَو شَرِيعَة مرتبَة عَلَيْهِ وعَلى قِيَاس هَذَا يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مُؤديا للْوَاجِب وَلَا يكون لأَحَدهمَا فضل على الآخر وَزَادُوا على هَذَا فَقَالُوا إِذا خلق الله شَيْئا من الجماد وَجب عَلَيْهِ أَن يخلق حَيا وَأَن يتم عقله حَتَّى يسْتَدلّ وَيعْتَبر وَيسْتَحق الثَّوَاب بأَدَاء الْمُسْتَحق وَمن قضى وَاجِبا لم يسْتَحق عَلَيْهِ شَيْئا كمن يقْضِي دينا لم يسْتَحق على صَاحبه فضلا على هَذَا فَقَالُوا إِن كل مَا يَنَالهُ العَبْد من ربه من النعم فَإِنَّمَا يَنَالهُ بِاسْتِحْقَاق مِنْهُ لَا بِفضل من الله تَعَالَى فاستنكفوا من أَن يرَوا لله تَعَالَى فضلا على أنفسهم وَقَالُوا إِن أَسْنَى الْمنَازل منزلَة الِاسْتِحْقَاق
وَمِمَّا اتَّفقُوا عَلَيْهِ من فضائحهم قَوْلهم إِن العَبْد لَا يحصل لَهُ صفة الْإِيمَان حَتَّى يعلم جَمِيع مَا هُوَ شَرط فِي إعتقادهم ويبلغ فِي مَعْرفَته دَرَجَة عُلَمَائهمْ كَأبي الْهُذيْل والنظام وَغَيرهمَا وَيقدر فِيهِ على تَقْرِير الدّلَالَة ويتمكن من المناظرة والمجادلة وَمن لم يبلغ تِلْكَ الدرجَة كَانَ كَافِرًا لَا يحكم لَهُ بِالْإِيمَان وَلِهَذَا حكمُوا بالْكفْر على جَمِيع عوام الْمُسلمين وَلذَلِك زَعَمُوا أَن عُلَمَاء مخالفيهم كفرة كلهم وَكفر كل فريق مِنْهُم جَمِيع فرقهم وَهَذَا يُوجب أَن لَا يكون عِنْد كل وَاحِد مِنْهُم مُؤمن سواهُ وَأَن يكون مُنْفَردا بِدُخُول الْجنَّة مَعَ مَا ورد من الْأَخْبَار فِي كَثْرَة أهل الْجنَّة وَلأَجل هَذِه الْمقَالة قَالَ عُلَمَاء أهل الْحق وأئمتهم أَن المعتزلي بالتقليد كَافِر بِالْإِجْمَاع
ثمَّ زادوا على هَذَا مَا هُوَ أفضح مِنْهُ فأنكروا من مفاخر رَسُول الله ﷺ مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ زَائِدا على الْأَنْبِيَاء كوجود الْمِعْرَاج وَثُبُوت الشَّفَاعَة لَهُ يَوْم الْقِيَامَة وَوُجُود حَوْض الْكَوْثَر وأنكروا مَا ورد فِي هَذِه الْأَبْوَاب من الْآثَار وَالْأَخْبَار وأنكروا عَذَاب
1 / 66