والثاني:
ويقال: الندى يترشح مما في داخل الإناء، وهو أيضا باطل لوجوه:
أحدها:
أن الندى قد يوجد من غير أن يكون فيه ماء، بل بسبب وجود الجمد الذي لم يتحلل بعد.
والثاني:
أن ذلك يقتضي ألا يوجد الندى إلا في موضع الرشح، لكن ليس الحكم ألا يوجد إلا في موضع الرشح مطابقا للوجود؛ فإنه يوجد فوق ذلك الموضع. وأشار الشيخ إلى هذا الوجه بقوله «ولا يكون ليس إلا في موضع الرشح»، فدل على قوله؛ على أنه لم يمنع وجود الندى عن الرشح، بل منع اختصاصه بكونه من الرشح فإن هذه الصيغة تفيد هذه الفائدة.
والثالث:
أن الماء إذا كان حارا، وجب أن يوجد الرشح أيضا، بل ينبغي أن يكون الرشح أكثر؛ لأن الحار ألطف وأقبل للرشح لرقة قوامه، وليس كذلك. وأشار إلى ذلك أيضا بقوله «ولا يكون ذلك من الماء الحار، وهو ألطف وأقبل للرشح». ولما بطل الوجهان، صرح بالنتيجة وقال: «فهو إذن هواء استحال ماء».»
62 (8) البيروني (القرن 5ه/11م)
أراد أبو الريحان البيروني (440ه/1048م) أن يستشف رأي معاصره الأصغر سنا منه، ابن سينا، في مسألتين تتعلقان بالبرودة، هما تقلص الأجسام لدى تعرضها للبرودة وطوفان الجليد على سطح الماء، ولا يغرق مع أنه أصلب من الماء. الواقع، لقد أراد البيروني من خلال هاتين المسألتين أن يقيم الحجة على عدم قدرة النظرية الأرسطية على تفسير الظواهر الفيزيائية؛ ولذلك فإننا نجد ابن سينا يضيق ذرعا بالبيروني ، فيطلب من تلميذه أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد المعصومي (توفي 460ه/1060م) أن يتابع الرد على البيروني. (أ) مسألة البيروني الأولى
Shafi da ba'a sani ba