من ناحية أخرى يتقارب فهم وتفسير إخوان الصفا من فهم جابر لظاهرة البرودة، لكنهم لا يضعون جهة تأثير البرودة على الجسم كما وضعها جابر بأنها من المحيط إلى المركز. (7) ابن سينا (القرن 5ه/11م)
يعرف ابن سينا (توفي 427ه/1037م) البرودة - وفق المفهوم الأرسطي - بأنها: «كيفية فعلية تفعل جمعا بين المتجانسات وغير المتجانسات لحصرها الأجسام بتكثيفها وعقدها اللذين من باب الكيف.»
41
ثم يعيد ابن سينا قول أرسطو في البرودة وتأثيرها على الأجسام؛ فالبرودة كيفية فعلية تؤثر في جميع الأجسام المتجانسة وغير المتجانسة، حيث تقوم بتكثيفها وعقدها إلى بعضها بعضا.
42
قال ابن سينا: «الكيفيات الملموسة الأولى هي هذه الأربعة؛ اثنتان منها فاعلتان، وهما الحرارة والبرودة، ولكونهما فاعلتين ما تحدان بالفعل بأن يقال إن الحرارة هي التي تفرق بين المختلفات وتجمع بين المتشاكلات، كما تفعله النار؛ والبرودة هي التي تجمع بين المتشاكلات وغير المتشاكلات كما يفعل الماء. واثنتان منفعلتان، وهما الرطوبة واليبوسة، ولكونهما منفعلتين ما تحدان بالانفعال فقط.»
43
ويشير من ناحية أخرى إلى أن ظاهرتي الحرارة والبرودة تلازمان ظاهرتي الخفة والثقل؛ فالجسم الذي يسخن يكتسب الحرارة ويصبح أخف، وبالعكس فإن الجسم إذا تبرد يصبح أثقل؛ إذن «الحرارة والبرودة لازمتان منعكستان على الخفة والثقل؛ فالمادة إذا أمعن فيها التسخين خفت، فإذا خفت سخنت؛ فلا خفيف إلا وهو حار، ويعرض لها إذا بردت بشدة أن تثقل، وإذا ثقلت بشدة أن تبرد؛ فلا ثقيل إلا وهو بارد، فيكون الحر والبرد منعكسين على الثقل والخفة، كالإشفاف وغير ذلك مما يوجد في الثقيل والخفيف.»
44
ويرى ابن سينا أن الجسم نفسه قد يكون باردا أو ساخنا ذاتيا، فيبرد أو يسخن نفسه وما يحيط به؛ «الجسم الذي له طبيعة مبردة أو مسخنة، فإنه يبرد ذاته أو يسخنها بطبيعته، ويبرد أيضا ما يجاوره ويتصل به أو يسخنه.»
Shafi da ba'a sani ba