Tabiciyyat Fi Cilm Kalam
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
Nau'ikan
20
وثالثا سوف نرى لاحقا أن الأيديولوجيا إن أريد لها النماء والصيرورة والفاعلية والمواءمة مع المتغيرات، فلا مندوحة لها عن الاستعانة مجددا بالتنظير وبالعقل الفلسفي، لكل ذلك يغدو مشروعا أن نضع علم الكلام في وضع الإنابة ما دمنا بصدد المشكل الأيديولوجي؛ إقرارا بشمولية الأيديولوجيا للخصوصية الحضارية . •••
ومهما تصاعد الجدل حول مصطلح «الأيديولوجيا» فإنها تظل دائما حاجة وضرورة ملازمة للوجود الإنساني، من حيث إنها التعبير عن معتقدات الجماعة التي تجعلها «جماعة» ذات هوية، وليست مجرد حاصل جمع آحاد الأفراد. ولئن كانت الأيديولوجيا منظومة نظرية؛ فإنها لا تتناهى تجريديا، بل لا بد لها أن تأتي تعبيرا عن واقعات جماعية محددة ... عن معتقداتها المتجهة نحو مصالحها اتجاها ينبع من متعينات واقعها، مما يجعل الأيديولوجيا حاملة لإمكانيات الحركية والتغيير والتطوير نحو مثاليات الجماعة وطموحاتها. إن بها منظومة فكرية تدعو إلى تفسير العالم وتغييره في آن واحد، من هنا كانت الأيديولوجيا متضافرة دائما مع الطوباوية أو اليوتوبية
Utopism
وتصور ما ينبغي أن يكون، ولئن كانت الأيديولوجيا - كما أوضح كارل مانهايم - تتعايش مع الحالة الراهنة في المجتمع، بينما الطوباوية دائما في وضع التعارض مع الحالة الراهنة، فإن العنصر الأيديولوجي والعنصر الطوباوي في الفكر الإنساني لا يولدان منفصلين عن بعضهما؛ طوباويات الطبقات الصاعدة كثيرا ما تتحول إلى أيديولوجيا، «ومعيار التفريق بينهما هو درجة تحقيق الطوباوية في التاريخ وتحولها إلى أيديولوجيا.»
21
لذلك اعتبر إمجه
Emge
اليوتوبيا - أو الطوباوية - أيديولوجيا مرئية يتوقع حدوثها، إنها تسعى لتحقيق النظام الاجتماعي الذي ترسم معالمه، فتطالب بتغيير جذري للعلاقات المجتمعية والسياسية، تنفي أوضاعا راهنة وتستحث نظاما جديدا، فيقول الفيلسوف البولاني الماركسي كولاكوفسكي: إن اليوتوبيا قوة حقيقية، إنها المثل الأعلى لنظم جديدة والهدف المستكن لواقع تاريخي، ولكنها في الوقت نفسه أداة للتأثير في الواقع، ولتخطيط العمل المجتمعي بصورة مسبقة.
22
Shafi da ba'a sani ba