وتأمل ما وصفوه من أفعاله في العبادات وغيرها اضطر إلى العلم بفقههم وفضلهم. غير أن الذي اشتهر منهم بالفتاوى والأحكام وتكلم في الحلال والحرام جماعة مخصوصة.
فمنهم
أبو بكر الصديق
، ﵁: إمام الأئمة وخليفة رسول الله ﷺ على الأمة، وهو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر التيمي، يجتمع مع رسول الله ﷺ في مرة بن كعب، وهو في القعدد (١) مثل رسول الله ﷺ، بين كل واحد منهما وبين مرة ستة آباء. مات سنة ثلاث عشرة وهو ابن ثلاث وستين سنة، وكانت خلافته سنتين وأشهرًا. وكان من أعلم الصحابة، قدمه رسول الله ﷺ للصلاة بالناس في حياته، وقد قال رسول الله ﷺ (٢): " ليؤمكم أقرأكم لكتاب الله ﷿، فإن كنتم في القراءة سواء فليؤمكم أعلمكم بالسنة، فإن كنتم في السنة سواء فليؤمكم أقدمكم هجرة، فإن كنتم في الهجرة سواء فليؤمكم أكبركم سنًا (٣)؛ فلو لم يكن أعلمهم بالسنة لما قدم ". وروي حذيفة بن اليمان أن النبي ﷺ قال: " اقتدوا بالذين من بعدي: أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار بن ياسر (٤) وتمسكوا بعهد أم عبد "؛ ولأن الأمة أجمعت بعد موت رسول الله ﷺ على تقديمه في الخلافة ولا يقدم في الخلافة إلا إمام مجتهد. وروى ابن عون عن ابن سيرين قال: كانوا يرون أن الرجل الواحد يعلم من العلم ما لا يعلمه الناس أجمعون، قال: فكأنه رأى أني أنكرت فقال: إني أراك تنكر ما أقول، أليس أبو بكر كان يعلم ما لا يعلم الناس، ثم عمر كان يعلم ما لا
_________
(١) القعدد: قرب النسب من الجد الأكبر.
(٢) صحيح مسلم ١: ١٨٦ والمحلى ٤: ٢٠٧.
(٣) روي أيضًا: فأقعدمكم سلمًا أي إسلامًا.
(٤) ابن ياسر، سقط من ط وهو بهامش ع.
1 / 36