110

Tabaic Istibdad

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

Mai Buga Littafi

المطبعة العصرية

Lambar Fassara

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

Inda aka buga

حلب

لا يدركون ما هو سببها، ومن أين جاءتهم؟ فيرى أحدهم نفسه منقبضًا عن العمل، لأنه غير أمين على اختصاصه بالثمرة. وربما ظنَّ السّلب حقًا طبيعيًا للأقوياء فيتمنّى أنْ لو كان منهم. ثمَّ يعمل تارةً، ولكن؛ بدون نشاط ولا إتقان، فيفشل ضرورةً، ولا يدري أيضًا ما السبب، فيغضب على ما يسمّيه سعدًا أو حظًا أو طالعًا أو قدرًا. والمسكين من أين له أن يعرف أنَّ النشاط والإتقان لا يتأتيان إلا مع لذة انتظار نجاح العمل، تلك اللذة التي قدَّر الحكماء أنَّها اللذة الكبرى، لاستمرار زمانها من حين العزم إلى تمام العمل، والأسير لا اطمئنان فيه على الاستمرار، ولا تشجيع له على الصبر والجلد. الأسير المعذَّب المنتسب إلى دين يسلّي نفسه بالسعادة الأخروية، فيعدها بجنان ذات أفنان ونعيم مقيم أعدَّه له الرحمن، ويبعد عن فكره أنَّ الدنيا عنوان الآخرة، وأنَّ ربما كان خاسرًا الصفقتين، بل ذلك هو الكائن غالبًا. ولبسطاء الإسلام مسليات أظنُّها خاصّة بهم يعطفون مصائبهم عليها، وهي نحو قولهم: الدنيا سجن المؤمن، المؤمن مصاب، إذا أحبَّ الله عبدًا ابتلاه، هذا شأن آخر الزمان، حسب المرء لقيماتٍ يقمن صلبه. ويتناسون حديث: "إنَّ الله يكره العبد البطّال"، والحديث المفيد معنى "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم غرسةً فليغرسها"، ويتغافلون عن النص القاطع المؤجّل قيام الساعة إلى ما بعد استكمال الأرض زخرفتها وزينتها. وأين ذلك بعد؟ وكلُّ هذه المسميات المثبطات تهون عند ذلك السمّ القاتل، الذي يحوّل الأذهان عن التماس معرفة سبب الشقاء، فيرفع المسؤولية عن المستبدّين،

1 / 120