7
فما كان لزيوس أن يحدث هذا لذاك لو لم يكن فيه صالح الكل. وما كان لأي مبدأ طبيعي أن يحدث شيئا غير ملائم لما يحكمه.
ثمة إذن سببان يحملانك على الرضا بما يجري لك؛ الأول أن ما حدث لك كان موصوفا لك، وهو متعلق بك، خيط من القدر مغزول لك منذ الأزل بأقدم الأسباب. والثاني أن ما يصيب كل شخص هو جزء ضالع في صلاح الكل واكتماله بل اتساقه مع نفسه؛ ذلك أن «الكل» يتشوه إذا أنت قطعت أدنى كسرة من سياقه واتصاله؛ يصدق هذا على أجزائه المكونة كما يصدق على أسبابه. وإنك لتقطع شيئا - بقدر ما يمكنك ذلك - كلما تبرمت بنصيبك. إنك تدمر، بمعنى ما، وتخرب! (5-9) لا تنفر وتقنط وتسخط إذا لم تنجح في عمل كل شيء كما تقتضي المبادئ الصحيحة، ولكن كلما فشلت فعد مرة ثانية، واقنع إذا كان الشطر الأكبر من عملك متسقا مع طبيعة الإنسان، وأحب هذا الذي تعود إليه. لا تعد إلى الفلسفة كما يعود الطفل إلى المعلم، بل كما يعود الأرمد إلى إسفنجته ومرهمه، أو يعود آخر إلى كمادته وغسوله، بذلك سوف تبرهن على أن إطاعة العقل ليست عبئا كبيرا، وإنما هي مصدر راحة.
8
تذكر أيضا أن الفلسفة لا تريد إلا ما تريده طبيعتك، في حين تطلب أنت شيئا يجافي هذه الطبيعة؛ فأي شيء أدعى إلى القبول من حاجات طبيعتك نفسها؟ هذه هي ذات الطريقة التي تخدعنا بها اللذة، ولكن انظر ألست ترى شيئا أكثر قبولا في الشهامة والكرم والبساطة والاتزان والتقوى؟ وأي شيء أكثر قبولا من الحكمة ذاتها إذا كان ما يهمك هو التدفق المطمئن والدائم لملكتنا الخاصة بالفهم والمعرفة؟ (5-10) لكأنما ألقي على الأشياء حجاب كثيف حتى لقد بدت لعدد غير قليل من كبار الفلاسفة غير قابلة للفهم على الإطلاق. وحتى الرواقيون أنفسهم بدت لهم الحقائق عصية على الفهم، وبدا لهم كل تصديق عقلي لإدراكاتنا شيئا عرضة للخطأ.
9
فليس هناك من هو معصوم. التفت إذن إلى الأشياء ذاتها؛ كم هي زائلة وتافهة، حتى ليملكها المأبون والبغي واللص، ثم التفت إلى أخلاق من يعيشون معك. إنه لمن الصعب احتمال حتى أفضلهم،
10
دعك من أن المرء ليشق عليه حتى احتمال نفسه.
في كل هذا الضلال والتخبط، في كل هذا التدفق للوجود، الزمن، الحركة، الأشياء المتحركة، يعجزني أن أجد أي شيء جدير بالثمين أو جدير حتى بالسعي الجاد، بل، على العكس، ينبغي على المرء أن يعلل نفسه بارتقاب الخلاص الطبيعي، وألا يضجر من انتظاره، وإنما يلتمس السلوى في هاتين الفكرتين فحسب؛ الأولى: أنه لن يصيبني إلا ما هو متناغم مع طبيعة «الكل»، والثانية: أن بوسعي ألا أقترف أي شيء فيه عصيان لإلهي وللألوهة التي بداخلي. لا يمكن لأحد أن يرغمني على هذا الإثم. (5-11) في أي شيء أستعمل نفسي الآن؟ سل نفسك هذا السؤال في كل مناسبة. تفحص نفسك. ماذا يدور الآن في ذلك الجزء من نفسي الذي يسمونه العقل الموجه؟ أي صنف من النفوس لدي الآن؟ نفس طفل، أم صبي، أم امرأة، أم طاغية، أم حيوان مستأنس أم حيوان وحشي؟ (5-12) هاك طريقة لفهم نوعية الأشياء التي تعتبرها الأغلبية خيرا؛ فأنت إذا تصورت في ذهنك الخيرات الحقيقية - من مثل الحكمة والتعقل والاعتدال والعدل والشجاعة - فلن يسعك عندئذ قبول القول الشائع «ثراء طائل لا يترك محلا لقضاء الحاجة.» إذ لا ينطبق هذا المثل في هذا المقام. غير أنك حين تتصور في عقلك ما تعده الأغلبية ضمن الخيرات فإنه ما يزال بوسعك أن تسمع هذا القول من الشعر الكوميدي وتقبله من فورك كتعليق صائب.
Shafi da ba'a sani ba