191

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

Mai Buga Littafi

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Lambar Fassara

الطبعة الثانية

Shekarar Bugawa

1419 AH

وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: "إِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ أَعَنَانِ الشَّيَاطِينِ" يُرِيدُ: مِنْ جَوَانِبِهَا وَنَوَاحِيهَا، كَمَا يُقَالُ: بَلَغَ فَلَانٌ أَعَنَانَ السَّمَاءِ، أَيْ نَوَاحِيَهَا وَجَوَانِبَهَا. وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَسْلِهَا، لَقَالَ: فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ نَسْلِهَا، أَوْ بطونها أَو أصلابها، وَأما يُشْبِهُ هَذَا. وَلَمْ تَزَلِ الْعَرَبُ تَنْسُبُ جِنْسًا مِنَ الْإِبِلِ إِلَى الْحُوشِ، فَتَقُولُ: نَاقَةٌ حُوشِيَّةٌ، وَإِبِلٌ حُوشِيَّةٌ، وَهِيَ أَنْفَرُ الْإِبِلِ وَأَصْعَبُهَا. وَيَزْعُمُونَ أَنَّ لِلْجِنِّ نَعَمًا، بِبِلَادِ الْحُوشِ١ وَأَنَّهَا ضَرَبَتْ فِي نَعَمِ النَّاسِ، فَنَتَجَتْ هَذِهِ الْحُوشِيَّةَ، قَالَ رُؤْبَةُ: جَرَتْ رَحَانَا٢ مِنْ بِلَادِ الْحُوشِ وَقَدْ يَجُوزُ -عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ- أَنْ تَكُونَ فِي الْأَصْلِ، مِنْ نِتَاجِ نَعَمِ الْجِنِّ، لَا مِنَ الْجِنِّ أَنْفُسِهَا؛ وَلِذَلِكَ قَالَ: "مِنْ أَعْنَانِ الشَّيَاطِينِ". أَيْ: مِنْ نَوَاحِيهَا. وَهَذَا شَيْءٌ لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَ الْجِنَّ أَنْفُسَهَا وَالشَّيَاطِينَ، وَلَمْ يُؤْمِنْ إِلَّا بِمَا رَأَتْهُ عَيْنُهُ، وَأَدْرَكَتْهُ حَوَاسُّهُ، وَهُوَ مَنْ عَقْد قَوْمٍ مِنَ الزَّنَادِقَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ، يُقَالُ لَهُمُ: الدَّهْرِيَّةُ، وَلَيْسَ من عقد الْمُسلمين.

١ بِلَاد الحوش: بِلَاد الْجِنّ، والحوش والحوشية: إبل الْجِنّ وَقيل هِيَ الْإِبِل المتوحشة، وَقيل: هم حَيّ من الْجِنّ، وَأنْشد لرؤبة: إِلَيْك سَارَتْ من بِلَاد الحوش. "لِسَان الْعَرَب". ٢ الرَّحَى: الْكثير من الْإِبِل.

1 / 205