182

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

Mai Buga Littafi

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Lambar Fassara

الطبعة الثانية

Shekarar Bugawa

1419 AH

وَأَعْلَمَنَا أَنَّ الشَّيَاطِينَ حِينَئِذٍ -أَوْ أَنَّ إِبْلِيسَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ- فِي جِهَةِ مَطْلَعِ الشَّمْسِ، فَهُمْ يَسْجُدُونَ لَهُ بِسُجُودِهِمْ لِلشَّمْسِ، ويؤمُّونه. وَلَمْ يُرِدْ ﵇ بِالْقَرْنِ: مَا تَصَوَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ، مِنْ قُرُونِ الْبَقَرِ، وَقُرُونِ الشَّاءِ. وَإِنَّمَا الْقرن -هَهُنَا- حَرْفُ الرَّأْسِ، وَلِلرَّأْسِ قَرْنَانِ: أَيْ حَرْفَانِ وَجَانِبَانِ. وَلَا أَرَى الْقَرْنَ الَّذِي يَطْلُعُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، سُمِّيَ قَرْنًا إِلَّا بِاسْمِ مَوْضِعِهِ، كَمَا تُسَمِّي الْعَرَبُ الشَّيْءَ، بِاسْمِ مَا كَانَ لَهُ مَوْضِعًا أَوْ سَبَبًا. فَيَقُولُونَ: "رَفَعَ عَقِيرَتَهُ" يُرِيدُونَ: صَوْتَهُ، لِأَنَّ رَجُلًا قُطِعَتْ رِجْلُهُ، فَرَفَعَهَا، وَاسْتَغَاثَ مِنْ أَجْلِهَا، فَقِيلَ لِمَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ: "رَفَعَ عَقِيرَتَهُ". وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمَشْرِقِ: "من هَهُنَا، يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ". لَا يُرِيدُ بِهِ، مَا يَسْبِقُ إِلَى وَهْمِ السَّامِعِ مِنْ قُرُونِ الْبَقَرِ، وَإِنَّمَا يُرِيد "من هَهُنَا يَطْلُعُ رَأْسُ الشَّيْطَانِ". وَكَانَ وَهَبُ بْنُ مُنَبِّهٍ يَقُولُ؛ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ: إِنَّهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَاسْمُهُ "الْإِسْكَنْدَرُوسُ" وَأَنَّهُ كَانَ حَلَمَ حُلْمًا، رَأَى فِيهِ أَنَّهُ دَنَا مِنَ الشَّمْسِ، حَتَّى أَخَذَ بِقَرْنَيْهَا فِي شَرْقِهَا وَغَرْبِهَا. فَقَصَّ رُؤْيَاهُ على قومه، فَسَموهُ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَأَرَادَ بِأَخْذِهِ بِقَرْنَيْهَا، أَنَّهُ أَخَذَ بِجَانِبَيْهَا. وَالْقُرُونُ أَيْضًا، خُصَلُ الشَّعْرِ، كُلُّ خُصْلَةٍ قَرْنٌ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلرُّومِ: "ذَاتُ الْقُرُونِ". يُرَادُ: أَنَّهُمْ يُطَوِّلُونَ الشُّعُورَ. فَأَرَادَ ﷺ أَنْ يُعَلِّمَنَا أَنَّ الشَّيْطَانَ، فِي وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ سُجُودِ عَبَدَتِهَا لَهَا، مَائِلٌ مَعَ الشَّمْسِ؛ فَالشَّمْسُ تَجْرِي مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَأَمَرَنَا أَنْ لَا نُصَلِّيَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي يَكْفُرُ فِيهِ هَؤُلَاءِ، وَيُصَلُّونَ لِلشَّمْسِ وَلِلشَّيْطَانِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَهَذَا أَمْرٌ مُغَيَّبٌ عَنَّا، لَا نَعْلَمُ مِنْهُ، إِلَّا مَا عَلِمْنَا.

1 / 196