تاريخ ابن خلدون
تاريخ ابن خلدون
Bincike
خليل شحادة
Mai Buga Littafi
دار الفكر
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
1401 AH
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
Tarihi
يبق إلّا فضل السّكنى بالمدينة وهو هجرة فقول الحجّاج لسلمة حين سكن البادية ارتددت على عقبيك تعرّبت نعى عليه في ترك السّكنى بالمدينة بالإشارة إلى الدّعاء المأثور الّذي قدمناه وهو قوله لا تردّهم على أعقابهم وقوله تعرّبت إشارة إلى أنّه صار من الأعراب الّذين لا يهاجرون وأجاب سلمة بإنكار ما ألزمه من الأمرين وأنّ النّبيّ ﷺ أذن له في البدو ويكون ذلك خاصّا به كشهادة خزيمة [١] وعناق أبي بردة [٢] أو يكون الحجّاج إنّما نعى عليه ترك السّكنى بالمدينة فقط لعلمه بسقوط الهجرة بعد الوفاة وأجابه سلمة بأنّ اغتنامه لإذن النّبيّ ﷺ أولى وأفضل فما آثره به واختصّه إلّا لمعنى علمه فيه وعلى كلّ تقدير فليس دليلا على مذمّة البدو الّذي عبّر عنه بالتّعرّب لأنّ مشروعيّة الهجرة إنّما كانت كما علمت لمظاهرة النّبيّ ﷺ وحراسته لا لمذمّة البدو فليس في النّعي على ترك هذا الواجب دليل على مذمّة التّعرّب والله سبحانه أعلم وبه التّوفيق.
الفصل الخامس في أن أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر
والسّبب في ذلك أنّ أهل الحضر ألقوا جنوبهم على مهاد الراحة والدّعة وانغمسوا في النّعيم والتّرف ووكلوا أمرهم في المدافعة عن أموالهم وأنفسهم إلى واليهم والحاكم الّذي يسوسهم والحامية الّتي تولّت حراستهم واستناموا إلى الأسوار الّتي تحوطهم والحرز الّذي يحول دونهم فلا تهيجهم هيعة [٣] ولا ينفر لهم صيد فهم غارّون [٤] آمنون، قد ألقوا السّلاح وتوالت على ذلك منهم الأجيال وتنزّلوا منزلة
[١] هو خذيمة بن ثابت الأنصاري من أصحاب رسول الله ﷺ وقد جعل شهادته بشهادة رجلين. [٢] العناق: أم الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها السنة. وقد أجاز النبي ﷺ لأبي بردة ابن نيار خاصة أن يضحّي بها قصد ابن خلدون فهو استثناء الخصوصيات من عموم الأحكام، لما ورد بشأنها في أحاديث الرسول ﷺ. [٣] هيعة: الصوت المرعب والمخيف. [٤] غارّون: مطمئنون.
1 / 155