بناها لسكناه. والسبق الموجب للفضل هو الدخول في دار الثواب للجزاء يوم القيامة، فإن الملائكة كانوا يدخلونها قبل الرسل، ودخلها إدريس قبل أولي العزم من الرسل، وكان إبليس يدخلها قبل خلق الرسل وقبل خلق آدم. ولأن الفضل لمن دخل الجنة في اليقظة بجسده دون من دخل بروحه، فإن الذين قتلوا في سبيل الله دخلوا الجنة ورزقوا من نعيمها قبل من هو أفضل منهم من غير نكير. لأن الحق كما يدل عليه سياق الأخبار أن الله تعالى أرى نبيه ﷺ صورا مثالية من أمته ممن خلق ومن لم يخلق في الجنة ليعلم درجاتهم ومنازلهم فيها، فأراه مرة منزلة بلال وغيره من فقراء أمته وأغنيائهم. فقد أخرج الطبراني عن أبي إمامة أنه قال: قال رسول الله ﷺ: "دخلت الجنة فسمعت حركة أمامي فنظرت فإذا بلال ونظرت إلى أعلاها فإذا فقراء أمتي وأولادهم، ونظرت في أسفلها فإذا فيهم الأغنياء". وأراه مرة أخرى منازل بعض الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم.
الثالثة والسبعون: إنهم يقولون إن أهل السنة يروون عن النبي ﷺ أنه نظر عشية يوم عرفة فتبسم وقال: "إن الله ﵎ باهى بعباده عامة وباهى بعمر خاصة"، (١) وهو يوجب التفضيل. وذلك يدل على أنه تعالى كان يباهي بعمر ويدع نبيه ﷺ، فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة.
والجواب أنه ليس في الخبر ما يدل على أنه ﷺ كان في العامة،