Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Mai Buga Littafi
دار الأدب الاسلامي
Lambar Fassara
الأولى
Nau'ikan
فَلَمَّا وَقَفَا عَلَيْهِ، سَلَّمَا وَقَالَا:
يَا غُلَامُ، احْلِبْ لَنَا مِنْ هَذِهِ الشِّيَّاهِ مَا نُطْفِئُ بِهِ ظَمَأَنَا، وَنَبُلُ عُرُوقَنَا.
فَقَالَ الغُلَامُ: لَا أَفْعَلُ؛ فَالْغَنَمُ لَيْسَتْ لِي، وَأَنَا عَلَيْهَا مُؤْتَمَنٌّ...
فَلَمْ يُنْكِرِ الرَّجُلَانِ قَوْلَهُ، وَبَدَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا الرِّضَا عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا:
دُلِّنِي عَلَى شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا فَحْلٌ(١)، فَأَشَارَ الغُلَامُ إِلَى شَاةٍ صَغِيرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُ، فَتَقَدَّمَ مِنْهَا الرَّجُلُ وَاعْتَقَلَهَا، وَجَعَلَ يَمْسَحُ ضَرْعَهَا(٢) بِيَدِهِ وَهُوَ يَذْكُرُ عَلَيْهَا اسْمَ اللّهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الغُلَامُ فِي دَهْشَةٍ؛ وَقَالَ فِي نَفْسِهِ:
وَمَتَى كَانَتِ الشِّيَّةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَمْ تَنْزُ عَلَيْهَا الفُحُولُ تُدِرُّ لَبْناً؟!
لَكِنَّ ضَرْعَ الشّاةِ مَا لَبِثَ أَنِ انْتَفَخَ، وَطَفِقَ اللَّبْنُ يَنْبِجُ مِنْهُ ثَرًا(٣) غَزِيرًا.
فَأَخَذَ الرَّجُلُ الآخَرُ حَجْرًا مُجَرَّفًا مِنَ الأَرْضِ، وَمَلَأَهُ بِاللَّبَنِ، وَشَرِبَ مِنْهُ هُوَ وَصَاحِبُهُ، ثُمَّ سَقَيَانِي مَعَهُمَا، وَأَنَا لَا أَكَادُ أُصَدِّقُ مَا أَرَى...
فَلَمَّا ارْتَوَيْنَا، قَالَ الرَّجُلُ المُبَارَكُ لِضَرْعِ الشّاةِ:
انْقَبِضْ... فَمَا زَالَ يَنْقَبِضُ حَتَّى عَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.
عِنْدَ ذَلِكَ قُلْتُ لِلرَّجُلِ المُبَارَكِ:
عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا القَوْلِ الَّذِي قُلْتَهُ.
فَقَالَ لِي: إِنَّكَ غُلَامٌ مُعَلَّمٌ.
***
(١) الفحل: الذكر، والمراد به هنا ذكر الغنم.
(٢) ضرعها: ثديها.
(٣) ثَرًا: كثيرًا وفيرًا.
100