Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Mai Buga Littafi
دار الأدب الاسلامي
Lambar Fassara
الأولى
Nau'ikan
فَلَمَّا انْقَضَى عَلَى مَسِيرَةِ السَّرِيَّةِ يَوْمَانٍ نَظَرَ عَبْدُ اللَّهِ فِي الْكِتَابِ فَإِذَا فِيهِ:
(إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا فَامْضِ حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةَ بَيْنَ الطَّائِفِ وَمَكَّةَ، فَتَرَصَّدْ بِهَا قُرَيْشاً، وَقِفْ لَنَا عَلَى أَخْبَارِهِمْ ...).
وَمَا إِنْ أَتَمَّ عَبْدُ اللَّهِ الكِتَابَ حَتَّى قَالَ: سَمْعاً وَطَاعَةً لِنَبِيِّ اللَّهِ ...
ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه أَمَرَنِي أَنْ أَمْضِيَ إِلَى نَخْلَةَ لِأَرْصُدَ قُرَيْشاً حَتَّى آتِيَهُ بِأَخْبَارِهِمْ، وَقَدْ نَهَانِي عَنْ أَنْ أَسْتَكْرِهَ أَحَداً مِنْكُمْ عَلَى المُضِيِّ مَعِي، فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الشَّهَادَةَ وَيَرْغَبُ فِيهَا فَلْيَصْحَبْنِي، وَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ غَيْرَ مَذْمُومٍ.
فَقَالَ القَوْمُ:
سَمْعاً وَطَاعَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه ، إِنَّمَا نَمْضِي مَعَكَ حَيْثُ أَمَرَكَ نَبِيُّ اللَّهِ.
ثُمَّ سَارَ القَوْمُ حَتَّى بَلَغُوا نَخْلَةَ وَطَفِقُوا يَجُوسُونَ(١) خِلَالَ الدُّرُوبِ لِيَتَرَصَّدُوا أَخْبَارَ قُرَيْشٍ.
وَفِيمَا هُمْ كَذَلِكَ أَبْصَرُوا عَنْ بُعْدٍ قَافِلَةً لِقُرَيْشٍ فِيهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ هُمْ عَمْرُو ابْنُ الحَضْرَمِيِّ، وَالحَكَمُ بْنُّ كَيْسَانَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَخُوهُ المُغِيرَةُ، وَمَعَهُمْ تِجَارَةٌ لِقُرَيْشٍ فِيهَا جُلُودٌ وَزَبِيبٌ وَنَحْوُهَا مِمَّا كَانَتْ تَتَّجِرُ بِهِ قُرَيْشٌ.
عِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الصَّحَابَةُ يَتَشَاوَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَكَانَ الْيَوْمُ آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُمِ(٢)، فَقَالُوا:
إِنْ قَتَلْنَاهُمْ فَإِنَّمَا تَقْتُلُهُمْ فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، وَفِي ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ إِهْدَارِ
(١) يجوسون: يدورون ويبحثون.
(٢) الأشهر الحُرُم: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرَّم، ورجب، وكانت العرب تحرّم فيها القتال.
86