Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Mai Buga Littafi
دار الأدب الاسلامي
Lambar Fassara
الأولى
Nau'ikan
إِنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ غَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ مُنْذُ عَهْدِ الرَّسُولِ ﷺ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ إِلَّا إِذَا كَانَ مُنْشَغِلًا عَنْهَا بِأُخْرَى.
وَكَانَتْ آخِرُ غَزَوَاتِهِ حِينَ جَهَّزَ مُعَاوِيَةُ جَيْشًا بِقِيَادَةِ ابْنِهِ يَزِيدٌ، لِفَتْحِ القُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ آنَذَاكَ شَيْخًا طَاعِنًا فِي السِّنِّ يَحْبُو نَحْوَ الثَّمَانِينَ مِنْ عُمُرِهِ؛ فَلَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَنْضَوِي(١) تَحْتَ لِوَاءِ يَزِيدَ، وَأَنْ يَمْخُرَ عُبَابَ(٢) الْبَحْرِ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
لَكِنَّهُ لَمْ يَمْضِ غَيْرُ قَلِيلٍ عَلَى مُنَازَلَةِ العَدُوِّ حَتَّى مَرِضَ أَبُو أَيُّوبَ مَرَضًا أَقْعَدَهُ عَنْ مُوَاصَلَةِ القِتَالِ، فَجَاءَ يَزِيدُ لِيَعُودَهُ وَسَأَلَهُ:
أَلَكَ مِنْ حَاجَةٍ يَا أَبَا أَيُّوبَ؟.
فَقَالَ: اقْرَأْ عَنِّي السَّلَامَ عَلَى جُنُودِ الْمُسْلِمِينَ، وَقُلْ لَهُمْ:
يُوصِيكُمْ أَبُو أَيُّوبَ أَنْ تُوغِلُوا(٣) فِي أَرْضِ العَدُوِّ إِلَى أَبْعَدِ غَايَةٍ، وَأَنْ تَحْمِلُوهُ مَعَكُمْ، وَأَنْ تَدْفِنُوهُ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ عِنْدَ أَسْوَارِ القُسْطَنْطِينِيَّةِ ...
وَلَفَظَ أَنْفَاسَهُ الطَّاهِرَةَ.
***
اسْتَجَابَ جُنْدُ الْمُسْلِمِينَ لِرَغْبَةِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَرُّوا عَلَى جُنْدِ العَدُوِّ الكَرَّةَ بَعْدَ الكَرَّةِ، حَتَّى بَلَغُوا أَسْوَارَ القُسْطَنْطِينِيَّةِ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَبَا أَيُّوبَ مَعَهُمْ ...
وَهُنَاكَ حَفَرُوا لَهُ قَبْرًا وَوَارَوْهُ فِيهِ.
***
(١) يَنْضَوِي: يَنْضَمُّ إِلَى الجَيْشِ.
(٢) يَمْخُرُ عُبَابَ البَحْرِ: يَشُقُّ أَمْوَاجَ البَحْرِ. (٣) التَّوَغُّل: البُعْدُ وَالتَّعَمُّقُ.
74