Scenes from the Lives of the Companions

Abd al-Rahman Rafat al-Basha d. 1406 AH
16

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

Mai Buga Littafi

دار الأدب الاسلامي

Lambar Fassara

الأولى

هَاجَرَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ إِلَى المَدِينَةِ، وَلَزِمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَشَهِدَ مَعَهُ ((خَيْبَرَ)) وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الغَزَوَاتِ.

وَلَمَّا انْتَقَلَ النَّبِيُّ الكَرِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِوَارِ رَبِّهِ وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُ، ظَلَّ مِنْ بَعْدِهِ سَيْفاً مَسْلُولاً فِي أَيْدِي خَلِيفَتِهِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعَاشَ مَثَلاً فَرِيداً فَذَّا لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي اشْتَرَى الآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، وَآثَرَ (١) مَرْضَاةَ اللَّهِ وَثَوَابَهُ عَلَى سَائِرِ رَغْبَاتِ النَّفْسِ، وَشَهَوَاتِ الجَسَدِ.

***

وَكَانَ خَلِيفَتَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِفَانِ لِسَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ صِدْقَهُ وَتَقْوَاهُ، وَيَسْتَمِعَانِ إِلَى نُصْحِهِ، وَيُصِيخَانِ(٢) إِلَى قَوْلِهِ.

دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِي أَوَّلِ خِلاَفَتِهِ فَقَالَ:

يَا عُمَرُ، أُوصِيكَ أَنْ تَخْشَى اللّهَ فِي النَّاسِ، وَلَا تَخْشَى النَّاسَ فِي اللَّهِ، وَلَا يُخَالِفَ قَوْلُكَ فِعْلَكَ، فَإِنَّ خَيْرَ القَوْلِ مَا صَدَّقَهُ الفِعْلُ ...

يَا عُمَرُ: أَقِمْ وَجْهَكَ (٣) لِمَنْ وَلَّاكَ اللَّهُ أَمْرَهُ مِنْ بَعِيدِ الْمُسْلِمِينَ وَقَرِيبِهِمْ، وَأَحِبَّ لَهُمْ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ، وَخُضِ الغَمَرَاتِ إِلَى الحَقِّ وَلَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ.

فَقَالَ عُمَرُ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَا سَعِيدُ؟! .

فَقَالَ: يَسْتَطِيعُهُ رَجُلٌ مِثْلُكَ مِمَّنْ وَلَّاهُمُ اللَّهُ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَحَدٌ .

***

(١) آثر: اختار وفضل.

(٢) يصيخان: ينصتان ويستمعان باهتمام.

(٣) أقم وجهك لفلانٍ: أمعن النظر في أمره.

20