153

Surah Al-Qasas: An Analytical Study

سورة القصص دراسة تحليلية

Nau'ikan

ونحن نوافق الآلوسي في ذلك، فإن دلالة الفعل الماضي الناقص (وأصبح) مقترنة (بالأمس) أصبحت تظهر استمرارية الزمن الماضي ودلالات الماضي في هذه السورة بلاغيًا توجب الانبهار لبديع الأسلوب القرآني المعجز فقوله تعالى فيها: ﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَاءَلُونَ﴾ «١»، يدلّ على اقتران الفعل الماضي (عما) بالظرف الزماني (يومئذ) يصلح في استخدامه لوصف حال أولئك القوم الذين مضوا، مثلما يصلح في استخدامه لوصف حال كل قوم عميت عليهم الأنباء، فهم لا يتساءلون عن أي شيء لأنهم لا يستفيدون من سؤالهم بعد أن ذهب عنهم الزمن الذي هم فيه.
وقد تنبه على ذلك الزمخشري ﵀ برحمته - فقال في قوله تعالى: ﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الأَنْبَاءُ﴾: " فصارت الأنباء كالعمى عليهم جميعًا لا تهتدي إليهم، ﴿فَهُمْ لاَ يَتَسَاءَلُونَ﴾ لا يسال بعضهم بعضًا كما يتساءل الناس في المشكلات، لأنهم يتساوون جميعًا في عمى الأنباء عليهم " «٢» .
أما دلالات الفعل المضارع على الحاضر في سورة القصص، فهي ذات صيغة خاصة تجعل قارئ النص القرآني في سورة القصص يشعر بكونه مشاهدًا لما يقرأون في خياله الذي يتصور به الأشياء.
فقوله تعالى: ﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ﴾ «٣» يدلّ فيما يدلّ عليه على أن توالي الأفعال المضارعة (يستضعف)، (يذبح)،
(يستحي) خاص بهذه الصيغة الزمنية التي تجعل النص ليس خاصًا ببني إسرائيل وفرعون فحسب، بل خاصًا بكل من استضعف في الأرض.

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٦٦.
(٢) الكَشَّاف: ٣/١٨٨.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤.

1 / 153