ثم دعوا ربهم ﷿ أن ينجيهم متوسلين برحمته وفضله وإحسانه من القوم الكافرين، الذين كفروا الحق وجحدوه، بخلاف الداعين فإنهم آمنوا به وتوكلوا على ربهم.
هكذا نرى هؤلاء المؤمنين من قوم ﵇ توسلوا بتوكلهم على ربهم، وتفويضهم أمورهم إليه، واعتمادهم عليه، وثقتهم بنصره وتأييده، وتوسلوا إلى الله ﷿ برحمته وفضله وإحسانه.
وهنالك موقف آخر عظيم من مواقف التوسل إلى الله تعالى برحمته وفضله، ذلك هو ما كان من سليمان بن داود ﵉ حيث استعرض ﵇ جنوده من الجن والإنس والطير مما لم يكن لأحد قبله ولن يكون لأحدٍ بعده، فلما رأى ذلك الملك الكبير، وسمع كلام النملة لأخواتها، وفهم مقالتها شعر بعظيم إفضال ربه عليه، ولم يستول عليه الزهو والشعور بالعظمة، بل تواضع لله ﷿، واستكان لربه ﵎، وأظهر شكره وعرفانه لربه بجليل ما أنعم عليه ﴿وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ ١ إنه موقف المؤمنين المخبتين؛ حيث رأى ذلك الملك العظيم واستشعر عظمة ما أنعم به ربه عليه، فلم يكن منه ما يكون من أهل الغفلة والطغيان، إذ في مثل هذا الموقف تراهم يتعاظمون ويتيهون كبرًا وغطرسة، وذلك كموقف فرعون إذ قال: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾ ٢ إن موقف سليمان ﵇ هو موقف عبد الله الذي عرفه حق معرفته، وخشيه حق خشيته، وعرف