Akwatin Duniya
صندوق الدنيا
Nau'ikan
سحر مجرب
لا أدري كيف أسوق للقارئ حكاية هذه التجربة بحيث لا يتوهم أني أهزل، ولكن الذي أدريه أنه قل بين الصبيان من اتفق له ما اتفق لي من التجارب، ولو أنه قدر لي أن أكتب تاريخ حداثتي ... ولكني هزيل الصبر، ولعل مما هو حقيق أن يعين القارئ على فهم البواعث التي تغري حدثا في مثل سني يومئذ بما فعلت، أن أقول له: إني نشأت نشأة دينية، وأعني بذلك أن أهلي من أهل الورع والتقوى والصلاح، وأن بيتنا كان في فنائه مصلى أو مسجد صغير عامر أبدا بالمصلين ليلا ونهارا. والآن إلى القصة بعد هذا التمهيد الوجيز الذي لم أر منه بدا اتقاء لسوء التأويل ونفيا لمظنة المغالاة.
عثرت في باكورة حياتي على أوراق مخطوطة استولت على هواي واستبدت بخاطري، وقد اعتقدت يومئذ أنها بخط جدي لأبي وإن كنت لا أذكره إلا كالحلم، فقد مات في طفولتي ولحق به أبي، ولم أره قط يكتب ولا ثبت عندي أن هذا خطه، وكنت أكبر جدي وأجل ذكراه لغير سبب سوى ما كان تلاميذه يحدثونني به عن علمه وتبحره وتقواه، فقوى اعتقادي هذا ثقتي بما في الأوراق وثبت يقيني فيها، وكان من عادتي أن أقضي الصيف في الإمام حيث تقيم طائفة كبيرة من أهلي، وكان لأحدهم حمار مليح القسمات لين الخطوات، فكنت أركبه حين أشاء إلى حيث أشاء، وأبى الحظ إلا أن أعشق، وما أكثر من عشقت في تلك السنوات الأولى من شبابي . ولقد صدق أخي «العقاد» حين قال يصفني بعد ذلك بأعوام عدة:
أنت في مصر دائم التمهيد
بين حب عفا وحب جديد
بين ماض لم يذبل الحسن منه
وطريق كاليانع الأملود
أنت كالطير ربما شالت الطي
ر عن الأيك وهو جم الورود
ولم يكن الحظ يلقيني إلا على كل فتاة «عسيرة البذل» كما يقول الشاعر - ولا أذكر من هو - فحرت ماذا أصنع، ولم أر أن أستشير أحدا من الصبيان الذين كنت أختلط بهم؛ لأني كنت أراهم دوني معرفة، ثم تذكرت الورقات التي كنت أعتقد أنها مما خلف جدي، فوجدت فيها «فائدتين» طرت بهما فرحا، فأما الأولى فتقول: «من أراد الارتقاء إلى الدرجات العلا فليتطهر ظاهرا وباطنا، وليصم سبعة أيام وليواظب دبر كل صلاة على هذه الأسماء - يا هادي يا خبير يا متين يا علام الغيوب - ألف مرة، فإنه يكشف له عن كنز الأرض وينادى به في ضمائر الناس، وإن أكمل ثلاثة أسابيع في الرياضة كشف له عن ملكوت السموات والأرض بإذن الله تعالى، وأما صفتها للإخفاء فهي أن تقرأ الآية الشريفة سبعمائة وخمسين مرة، ثم تقول بسم الله الرحمن الرحيم
Shafi da ba'a sani ba