- ب - التعريف بالإمام النسائي نسبه - مولده هو الحافظ أبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب بن على بن بحر بن سنان بن دينار النسائي. ولد سنة خمس عشرة أو أربع عشرة ومائتين "بنساء" بلدة مشهورة بخراسان بينها وبين سرخس يومان وبين مرو خمسة أيام وبين أبيورد يوم وبين نيسابور ستة أو سبعة. وقد خرج منها جماعة من أعيان العلماء. وسبب تسميتها بهذا الاسم أن المسلمين الفاتحين لما وردوا أرض خراسان قصدوها فبلغ أهلها ذلك فهربوا ولم يتخلف بها غير النساء فلما أتاها المسلمون لم يروا بها رجلًا واحدًا فقالوا هؤلاء نساء والنساء لا يقاتلن فنسئ أمرها الآن إلى أن يعود رجالها. فتركوها ومضوا فسميت "نساء" بذلك والنسبة الصحيحة إليها نسائي وقيل نسوي وكان الواجب كسر النون أما ما ذكره ابن حجر من أنه ولد بکور نيسابور أو أرض فارس فغير صحيح. شيوخه سمع من اسحق بن راهويه. واسحق بن حبيب بن الشهيد. وسليمان بن أشعث. واسحق بن شاهين. والحارث بن مسكين. واسحق بن منصور الكوسج. ومحمود بن غيلان. وقتيبة بن سعيد. واسحق بن موسى الأنصاري. وإبراهيم بن سعيد الجوهرى. وابراهيم بن يعقوب الجوزجاني. ومحمد بن بشار. وعلى بن حجر، وأبي داود السجستاني. وعلى بن خشرم. ومجاهد ابن موسي. وأحمد بن بكار بن أبي ميمونة. والحسن بن محمد الزعفراني. وأحمد بن عبدة. وقدم دمشق الشام فسمع هشام بن عمار. ودحيما. وغير هؤلاء كثيرون سمع عنهم من بلاد خراسان والحجاز. والعراق. والجزيرة. والشام. ومصر وقد اجتمع به جماعة من الحفاظ والشيوخ. منهم عبد الله بن الإمام أحمد بطرسوس وأبو بشر الدولابي.

المقدمة / 4

- ج - تلاميذه رواته وقد أخذ عنه خلق كثيرون ورووا عنه منهم الإمام أبو القاسم الطبراني. وأبو على الحسين ابن على الحافظ النياموزى الطبراني. وأحمد بن عمير بن جوصا، ومحمد بن جعفر بن قلاس وأبو القاسم بن أبي العقب. وأبو الميمون بن راشد. وأبو الحسن بن خذلم. وأبو سعيد الأعرابي والإمام أبو جعفر الطحاوي. ومحمد بن هرون بن شعيب. وابراهيم بن محمد بن صالح بن سنان وأبو بكر أحمد بن اسحق السني الحافظ ورعه وأمانته كان رحمه الله تعالى غاية في الورع والتقى متحريا. وقعت بينه وبين أستاذه الحارث بن مسكين خشونة فكان لا يظهر عليه في مجلسه بل يحضر وقت تحديثه مستمعًا للحديث متخفيًا في زاوية بحيث يسمع صوته من هناك ولا يطلع عليه أستاذه الحارث فكان ﵀ لشدة ورعه وتحريه إذا روى عنه شيئًا في سننه يقول: هكذا قرئ عليه وأنا أسمع. ولا يقول في الرواية عنه حدثنا وأخبرنا كما يقول في روايات أخر عن مشايخه. مكانته العلمية كان رحمه الله تعالى أحد الأئمة الحافظين أعلام الدين. رکنًا من أركان الحديث. حاذقا متضلعًا متفتنا. بلغ في العلم أطوريه. ومارس المعضلات فانقادت إليه. ساد أهل عصره وبز علماهم وتقدمهم فكان عمدتهم وقدوتهم. مكانته بين أصحاب الحديث والعالمين بجرحه وتعديله معتبرة بين العلماء. قال الحاكم: سمعت أبا الحسن الدارقطني غير مرة يقول. أبو عبد الرحمن الإمام النسائي مقدم على كل من يذكر بعلم الحديث وبجرح الرواة وتعديلهم في زمانه. وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس صاحب تاريخ مصر أن النسائي كان إمامًا في الحديث ثقة ثبتًا حافظًا قدم مصر وأقام مدة طويلة فيها ظهرت کنوز خبياته. وانكشف القناع عن رموز خفياته. قدح العلماء زنده فأوري فانقادوا إليه وحظي لديهم بالمنزلة السامية

المقدمة / 5

- د - سننه الكبرى نقل التاج السبكي عن شيخه الحافظ الذهبي ووالده الشيخ الإمام السبكى أن الإمام أبا عبد الرحمن النسائي أحفظ من الإمام مسلم صاحب الصحيح وأن سننه أقل السنن حديثًا ضعيفا بعد الصحيحين وقال بعض الشيوخ إنه لم يوضع مثل مصنفه في الإسلام وأنه أشرف المصنفات كلها وقد قال ابن منده وابن السبكي وأبو على النيسابوري وأبو أحمد بن عدي والخطيب والدارقطني: كل ما في سنن النسائي صحيح غير تساهل صريح. وقال الحافظ أبو على: للنسائي شرط في الرجال أشد من شرط مسلم. وكذلك كان الحاكم والخطيب يقولان إنه صحيح وان له شرطا في الرجال أشد من شرط مسلم. لذلك كان بعض علماء المغاربة يفضله على البخاري وكان ﵁ شافعي المذهب. وله مناسك الحج على مذهب الإمام الشافعي ﵁. قال السيد جمال الدين: صنف الإمام النسائي في أول الأمر كتابًا يقال له السنن الكبرى وهو كتاب جليل ضخم الحجم لم يكتب مثله في جمع طرق الحديث وبيان مخرجه. "المجتبى" ومنزلته بين الصحاح قال ابن الأثير: سأل بعض الأمراء الإمام النسائي أجميع أحاديث كتابك صحيح؟ فقال الإمام (لا) فأمره الأمير بتجريد الصحاح منه فصنع من السنن الکبري کتابًا أسماه (المجتنى) أو (المجتبي) وكلاهما صحيح. لكن الأشهر هو الأخير. استخلصه من السنن الكبرى من كل حديث حسن لم يتكلم في أصله ولا في إسناده ورواته بالتعليل أو التجريح. فإذا أطلق المحدثون وقالوا رواه النسائي فمرادهم هذا المختصر المسمى بالمجتبي لا السنن. وهو أحد الكتب الستة الكبرى وكذلك إذا قالوا الكتب الخمسة أو الأصول الخمسة لم يكن مرادهم غير البخاري. ومسلم وسنن أبي داود. وجامع الترمذي. ومجتبي النسائي طرف من أخباره سئل رحمه الله تعالى عن اللحن يوجد في الحديث فقال: إن كان شيء تقوله العرب وإن كان لغة غير قريش فلا تغيير لأن النبي ﷺ كان يكلم الناس بكلماتهم. وإن كان

المقدمة / 6

- هـ - مما لا يوجد في لغة العرب فرسول الله ﷺ لا يلحن. وكذلك كان قوي العارضة. مستقيم الحجة. واضح البرهان. بجمع الى قوته العقلية قوة في الجسم. فلقد كان متسربا إلى أن له أربع زوجات يقسم لهن. وكان يصوم صوم داود ﵇. وفاته توفي ﵀ في شعبان سنة ثلاث وثلثمائه بعد أن عمر تسعا أو ثماني وثمانين سنة وقد اختلف بالمدينة التي مات بها. فمن قائل أنه مات بالرملة بمدينة فلسطين. ومنهم وهو الأرجح أنه توفي بمكة ودفن بين الصفا والمروة. سبب وفاته خرج الإمام النسائي من مصر سنة اثنتين وثلاثمائة إلى دمشق فسأله أصحاب معاوية ﵁ من أهل الشام تفضيله على على كرم الله وجهه فقال: ألا يرضى معاوية رأسًا برأس حتى يفضل عليا. وسألوه أيضًا عما يرويه لمعاوية من فضائل فقال ما أعرف له فضيلة الا "لا أشبع الله بطنه" فما زال به أهل الشام يضربونه في خصيبه بأرجلهم حتى أخرجوه من المسجد ثم حمل إلى الرملة فمات بها. وقد قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: لما امتحن الإمام النسائي بدمشق طلب أن يحمل إلى مكة فحمل اليها وتوفي بها. طيب الله ثرى هذا الأمام. وجزاه خير ما يجزى البررة الأخبار الكرام

المقدمة / 7

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ العَالِمُ الرَّبَّانِيُّ الرُّحْلَةُ الحَافِظُ الحُجَّةُ الصَّمَدَانِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بنِ عَلِىِّ بْنِ بَحْرٍ النَّسَائِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى

1 / 2