San Yatsan Abu al-Sin
سن ياتسن أبو الصين
Nau'ikan
ولعلهم لم يفهموا كل ما أراد، ولم يعملوا كل ما كان ينبغي أن يعملوه، فصح بذلك دعاؤه الأول والأخير. إن الفهم عسير جد عسير.
لقد كان سن ياتسن حالما حقا، ولو لم يكن حالما حقا لما كان له عمل في قومه، وفي هذه الصفحات تفسير حلم عظيم؛ لأنه حلم رجل عظيم، استطاع أن يحلم لأمة كاملة حيث لم تستطع قبله أن تحلم لنفسها، وقلما استطاع أحد أن يحلم لأمة كاملة إلا كان له في تاريخها عمل خالد وأثر مقيم.
الصين
لمحة تاريخية
وهذه اللمحة التاريخية التي نقدم بها سيرة زعيم الصين إنما هي إشارة اتجاه من العصور القديمة إلى العصر الذي عاش فيه الزعيم، نرسمها سريعا بمقدار ما تلزم لتوضيح عمله وإبراز دواعيه، ولا نقصد بها أن نحيط بالتاريخ كله مفصلا أو مجملا؛ لأن الإحاطة بتاريخ الصين - ولو بمجرد سرد العناوين الكبيرة - عمل يستغرق المجلدات الطوال.
وأهم إشارة من إشارات الاتجاه أن الصين وحدة وطنية لا نظير لها في العالم، خلافا لما روجته سياسة الاستعمار في القرن التاسع عشر لتسويغ قسمتها بين الدول الطامعة فيها، فقد كان الساسة المستعمرون يقولون كلما احتجت حكومة من حكومات الصين على اقتطاع جزء منها أن سيادة الأمة الصينية لا وجود لها؛ لأن البلاد التي يطلق عليها اسم الصين إنما هي اصطلاح جغرافي لا يشتمل على سيادة وطنية واحدة.
ولا يصدق هذا القول على الصين الصميمة حتى من الوجهة الجغرافية؛ لأنها في الواقع بلاد ذات وحدة جغرافية بينة وحدود أرضية فاصلة، يكفي أن يخترقها المهاجر ليقال: إنه دخل من بلاد إلى أخرى وإنه يقتحم أرضا لا تستباح بغير اقتحام.
فمنذ أقدم العصور وجدت الصين الصميمة التي تحيط بها الجبال والسهوب والأنهار، ووجدت فيها الأرض التي تصلح للزراعة والأرض التي تجاورها غير صالحة للزراعة، ولكنها صالحة للمرعى والصيد، يسكنها أهل البداوة الذين يعتمدون على أهل الحضارة ويلازمونهم ملازمة الجوار، وإن كان جوارا يجور فيه أحد الفريقين على الآخر حينا بعد حين، حسب تقلب الأحوال بين الخصب والجدب والرواج والكساد.
وأقوى من الوحدة الجغرافية في تكوين الوحدة الوطنية وحدة السلالة القومية، وأقوى من الوحدتين جميعا وحدة التاريخ المتصل والثقافة المتشابهة، ولم تجتمع هاتان الوحدتان لأمة من الأمم كما اجتمعت لأمة الصين.
فإذا صرفنا النظر عن قبائل الأصلاء الذين يتفرقون هنا وهناك فالصينيون جميعا من سلالة واحدة هي السلالة المغولية، ومقامهم بتلك البقاع يرجع إلى العصر الحجري الأول، بل يرجع إلى عهد إنسان بكين
Shafi da ba'a sani ba