San Yatsan Abu al-Sin
سن ياتسن أبو الصين
Nau'ikan
الصينيون شعب ساكن، فخر الرجل فيهم من قديم الزمن أنه يعكف على منزله ولا يعنى بغير شأنه، ومن أقوال لاوتسي معاصر كنفشيوس: إن الجيرة الصالحة تقيم على مقربة حيث يسمع الجار من بيت جيرانه صياح الديكة ونباح الكلب ولا يغشى أحدهم دار غيره مدى حياته، وطالما تردد هذا القول وصفا للعصر الذهبي في الأمة الصينية.
إلا أن الأمور قد تغيرت في الأزمنة الحديثة، وأصبحت الحركة هنا وهناك شغل الإنسان في حياته، وإنما بالحركة تتقدم الحضارة، وعلى الصين أن تتحرك إذا أرادت أن تدرك ركب الحضارة، فحركة الفرد جزء جوهري من نشاط الأمة، ومن حقه أن يتحرك حيث شاء ومتى شاء في يسر وسرعة، ولكن الصين في الوقت الحاضر تعوزها الوسائل التي تيسر الانتقال لمن يريده، فإن الطرق القديمة مخربة والسيارة لم تعرف بعد في أنحائها، وهذه السيارة وسيلة مستحدثة لا غنى عنها للحركة السريعة، فإذا أردنا أن نتحرك ونعمل فعلينا أن نستعين بالسيارة، ولا سبيل إلى الاستعانة بها قبل تمهيد الطرق لمسيرها، وقد بينت في هذه البرامج أننا محتاجون إلى إنشاء مليون ميل من الطرق المنتظمة، نلاحظ في بنائها نسبة السكان والمواقع، وفي أقاليم الصين الثمانية عشرة ألف محلة، فإذا كانت الصين على نية تعميم النظام المتبع في توزيع هذه المحلات وصل عددها إلى أربعة آلاف، وخص كل محلة مائتان وخمسون ميلا من الطرق، إلا أن السكان في كل محلة يزيدون تارة وينقصون تارة، ولا تتساوى المحلات جميعا في عدد السكان، فإذا قسمنا مليون ميل على أربعمائة مليون ساكن كان على كل أربعمائة ساكن بناء ميل واحد وهو عمل غير عسير، فإذا قبلته الأمة وقبلت معه أن يكون تمهيد الطرق شرطا للحكومة المحلية وجدنا أمامنا مليون ميل من الطرق كأنها امتدت بسحر ساحر، ومتى شرعت الأمة في تمهيد الطرق أمكن إنشاء المعامل لصنع السيارات قليلا قليلا ثم تزداد على حسب ازدياد الطلب حتى تفي بحاجة الملايين الأربعمائة. يجب أن تصنع السيارات لأغراض متعددة بحيث تصلح للزارع والصانع والتاجر والمسافر والمتنقل ... إلخ إلخ. وكلما كثر المصنوع منها قلت تكاليفه وتيسر ثمنه لمن يطلبه، ولا يكفي تيسير الحصول على السيارة دون تيسير الحصول على وقودها، فمن الواجب أن تقترن صناعة السيارات بالتنقيب عن منابع زيت النفط، وهو ما نفصل القول فيه عند الكلام على صناعة المناجم والتعدين. (9-5) الطباعة
هذه الصناعة - صناعة الطباعة - تيسر للإنسان غذاء فكره، وهي ضرورة من ضرورات الحياة العصرية لا يتم التقدم بغيرها.
إن نشاط النوع الإنساني محفوظ مسجل، ومعارفه جميعا مخزونة في المطبوعات، فالطباعة عامل عظيم من عوامل الحضارة، بحيث تقاس حظوظ الأمة من التقدم أحيانا كثيرة بمقياس مطبوعاتها في كل سنة.
والصين متخلفة في هذا المجال مع سبقها إلى اختراع الطباعة، ولكنها إذا اتبعت مناهج التقدم التي نبسطها هنا تعاظمت مطالب ملايينها الأربعمائة من المطبوعات وأصبح لزاما لتلبية هذه المطالب أن نؤسس شبكة من المطابع في أنحاء البلاد لإخراج المطبوعات المختلفة من الصحف إلى الموسوعات، ووجب أن تترجم نخبة الكتب في جميع اللغات إلى اللغة الصينية وتباع بالأثمان المستطاعة، وينبغي أن تلخص دور النشر جميعا بإدارة واحدة لتحقيق أفضل النتائج الاقتصادية.
وتيسير أثمان المطبوعات يستدعي العناية بصناعات شتى أولها صناعة الورق، وهو في الحاضر يستورد من الخارج لطبع الصحف ويزداد الطلب عليه يوما بعد آخر، على أن الخامات التي يصنع منها الورق موفورة في الصين، ومنها الغابات في شمالها الغربي وأنواع القصب في نهر يانجتزي والمستنقعات التي بجواره، وهي كفيلة أن تزود مصانع الورق بأحسن عجينة صالحة لصنعه، ويحسن إنشاء المعامل الكبيرة لهذا الغرض في المواقع الملائمة، وأن تنشأ معها معامل المداد والمسابك والأدوات المطبعية وكل ما هو ضروري لإدارة النشر والطباعة. (10) الحرب والسلم من كتاب تنمية الصين الدولية
إن الحرب العالمية ليست إلا السطو المسلح على نطاق واسع يأسف له كل فكر مستقيم.
ولما اشتركت الولايات المتحدة في النزاع الأخير فجعلتها بذلك حربا عالمية (1914-1918) كان أبناء الولايات المتحدة بلسان رجل واحد يريدون أن يجعلوها حربا للقضاء على الحروب، وحلق رجاء الأمم عاليا حتى خيل إلينا نحن أبناء الصين أن التاتنج
Tatung (أي: العصر الذهبي) مقبل لا محالة.
غير أن الولايات المتحدة قد أخفقت في السلم للأسف الشديد بعد نجاحها في ميادين القتال، فنكصت الدنيا إلى حالة كالتي كانت عليها قبل الحرب العالمية، وسينطلقون من جديد في السباق إلى ضم البلاد والتنازع على مواد الغذاء والتطاحن على الخامات، وبدلا من نزع السلاح سوف يتضاعف عدد الجيوش والأسلحة البحرية استعدادا للحرب المقبلة بين أولئك الذين كانوا من قبل حلفاء، وستكون الصين أغنى البلاد بالموارد والسكان غنيمة النصر في تلك الحرب المقبلة.
Shafi da ba'a sani ba