Al-Suluk domin sanin mulkokin sarauta
السلوك لمعرفة دول الملوك
Editsa
محمد عبد القادر عطا
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Bugun
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٨هـ - ١٩٩٧م
Inda aka buga
لبنان/ بيروت
أوقافًا وَكَانَ يناظر الْعلمَاء وَعِنْده مسَائِل غَرِيبَة من فقه وَنَحْو يمْتَحن بهَا فَمن أجَاب عَنْهَا قدمه وحظي عِنْده وَكَانَت تبيت عِنْده بالقلعة جمَاعَة من أهل الْعلم: كالجمال اليمني النَّحْوِيّ والفقيه عبد الظَّاهِر وَابْن دحْيَة والأمير صَلَاح الدّين الإربلي - كَانَ أحد الْفُضَلَاء - فينصب لَهُم أسرة ينامون عَلَيْهَا بِجَانِب سَرِيره ليسامروه فنفقت الْعُلُوم والآداب عِنْده وقصده أَرْبَاب الْفَضَائِل فَكَانَ يُطلق لمن يَأْتِيهِ مِنْهُم الأرزاق الوافرة الدارة فَمِمَّنْ قَصده التَّاج بن الأرموي وَأفضل الدّين الخونجي وَالْقَاضِي الشريف شمس الدّين الأرموي - قَاضِي الْعَسْكَر - وَهَؤُلَاء أَئِمَّة وقتهم فِي الْمَنْقُول والمعقول وَكَانَ مهيبًا حازمًا سديد الآراء حسن التَّدْبِير لمماليكه عفيفًا عَن الدِّمَاء وَبلغ من مهابته أَن الرمل - فِيمَا بَين الْعَريش ومصر - كَانَ يمر فِيهِ الْوَاحِد بِالذَّهَب الْكثير والأحمال من الثِّيَاب من غير خوف وسرق مرّة فِيهِ بِسَاط فَاحْضُرْ الْكَامِل العربان الَّذين يخرون الطَّرِيق وألزمهم بإحضاره وإحضار سارقه فبذلوا عوضه شَيْئا كثيرا وَهُوَ يَأْبَى إِلَّا إِحْضَار السَّارِق أَو إِتْلَاف أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بدله فَلم يَجدوا بدا من إِحْضَار السَّارِق والبساط وَكَانَ يُبَاشر أُمُور الْملك بِنَفسِهِ من غير اعْتِمَاد على وَزِير وَلَا غَيره واستوزر أَولا الصاحب صفى الدّين بن شكر سِتّ سِنِين وانكف بَصَره وَهُوَ يُبَاشر الوزارة حَتَّى مَاتَ وَكَانَ الْأَمِير فَخر الدّين عُثْمَان الأستادار يتَرَدَّد إِلَيْهِ فِي الأشغال فَلَمَّا مَاتَ الصاحب صفي الدّين لم يستوزر الْكَامِل بعده أحدا بل كَانَ يستنهض من يخْتَار فِي تَدْبِير الأشغال: فَأَقَامَ معِين الدّين بن شيخ الشُّيُوخ مُدَّة وَسَماهُ نَائِب الوزارة وَمرَّة أَقَامَ تَاج الدّين يُوسُف بن الصاحب صفي الدّين وَمرَّة جمال الدّين البوري وَصَارَ يُبَاشر أُمُور الدولة بِنَفسِهِ ويحضر عِنْده الدَّوَاوِين فيحاقهم ويحاسبهم وَإِذا ابتدأت زِيَادَة النّيل خرج بِنَفسِهِ وكشف الجسور ورتب فِي كل جسر من الْأُمَرَاء من يَتَوَلَّاهُ وَيجمع الرِّجَال لعمله ثمَّ يشرف على الجسور بعد ذَلِك فَمَتَى اخْتَلَّ جسر عاقب متوليه أَشد الْعقُوبَة فعمرت أَرض مصر فِي أَيَّامه عمَارَة زَائِدَة. وَأخرج الْكَامِل من زكوات الْأَمْوَال - الَّتِي كَانَت تجبى - سهمي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وجعلهما مصروفين ورتب عَلَيْهِمَا جامكيات الْفُقَهَاء والفقراء والصلحاء وَكَانَ يَجْعَل فِي كل لَيْلَة جُمُعَة مَجْلِسا لأهل الْعلم عِنْده وَيجْلس مَعَهم للمباحثة وَكَانَت كثير السياسة وَأقَام فِي كل طَرِيق خفراء تحفظ الْمُسَافِرين إِلَّا أَنه كَانَ معري بِجمع المَال مُجْتَهدا فِي تَحْصِيله وأحدث فِي الْبِلَاد حوادث سَمَّاهَا الْحُقُوق لم تكن فِي أَيَّام من تقدمه وَله شعر مِنْهُ قَوْله: إِذا تحققتم مَا عِنْد صَاحبكُم من الغرام فَذَاك الْقدر يَكْفِيهِ
1 / 381