Sultan Muhammad Mai Fatah
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Nau'ikan
ومن أهم عناصر الجيش العثماني في عهد السلطان مراد الثاني والفاتح فرقة الإنكشارية، فأفرادها كلهم من أصل رقيق مسيحي، وترجع نشأة هذا النظام إلى عهد السلطان أرخان، فلقد اقترح وزيره قره خليل خلق جيش جديد مكون من فتية مسيحيين، وبرر ذلك العمل كما تقول القصة بأن سكان البلاد المفتوحة ملك للقاهرين هم وأزواجهم وأطفالهم وما ملكت أيديهم، وهو عمل صالح بعد ذلك، فهو يجعل من أبناء النصارى مسلمين، ولقد دعا لهم الشيخ بكتاش ببياض الوجوه وقوة السواعد وحدة السيوف وإصابة الهام، وأن يكون النصر حليفهم في الحرب وسماهم بالعسكر الجديد.
هذا العسكر الجديد تدرب على أمور الحرب، فأصبح أفراده مقاتلين من الطراز الأول وخصوما عنيدين يقاتلون في خط واحد كأنهم بنيان مرصوص. هذا الفريق تدرب أفراده جسميا أكثر مما تدربوا عقليا، وقوتهم هذه جعلتهم مرهوبي الجانب يخشى بأسهم إذا غضبوا، وكانوا عادة ينظمون في أود أو أرط، ولكل أرطة ضباطها وعلى رأس الضباط جميعا الآغا.
هؤلاء الجنود كانوا حرس السلطان الخاص، يتبعه منهم في كل مرتحل مائة وخمسون، ومن يكبر في السن من هؤلاء الجنود أو يصيبه الضعف أو الوهن يرسل إلى حراسة الحصون.
فنظام الحكم ونظام الجيش - كما رأينا - نظام تعليمي، هو مدرسة للحياة بالحياة، فيها التدريب، وفيها التثقيف، وفيها النظام الدقيق، وفيها مستويات معينة يرقى فيها المتعلم.
وقام هذا النظام على مبدأ الجدارة والاستحقاق، فالذي يرقى هو الذي يملك المواهب والمؤهلات الخاصة ويحسن استغلالها، ويظهر كفاية ممتازة. وقام ذلك النظام على أساس مبدأ المكافأة فهو يجازي الذي أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، وهو يهتم بكل مناحي التربية من عقلية وجسمية وروحية، فيه تدريب للجسم وصقل للعقل وغرس لمبادئ دينية واجتماعية جديدة .
فبرجرام التعليم شامل، وكما اهتم بالمتعلم اهتم بالمعلم، فعني باختيار المعلمين من مدرسين وضباط وعلماء، ولا مكان في ذلك النظام للضعيف أو الكسول أو البليد أو الخائن لأنه في أول فرصة تظهر فيها سمة الخيانة أو الغدر عقابها الوحيد الرادع هو الاستئصال، هو ضرب الرقاب.
وبجانب الإنكشارية الجنود السباهية أو الفرسان، وبجانبها أنواع أخرى من الجنود كالباشبوزق والأكنجي والغرب.
وكان يسود الجيش العثماني النظام والهدوء؛ ففي المعسكرات حين يأمر السلطان لا يتكلم الجنود إلا همسا، ويمتاز ذلك الجيش بالطاعة والخضوع والصبر على المكاره وتحمل الجوع والظمأ وقطع المسافات الطوال، كما يمتاز بخفة وسرعة حركاته، فالحصان التركي كالحصان العربي خفيف وسريع، بينما الجيوش الأوروبية في ذلك الوقت تمتاز ببطء حركاتها؛ نظرا لثقل الملابس الحديدية التي يلبسها الدارعون ولثقل الفرس الأوروبي.
وشهد بتفوق الجيش العثماني معاصرو الأتراك من أوروبيين ومسيحيين؛ فالحكومة العثمانية كانت في الواقع كلها جيشا قبل كل شيء، فالأتراك جنس ولد للحرب، وتوحد للحرب، ونظم للحرب، فالحرب كانت أهم وظيفة تقوم بها الحكومة.
فهي منظمة للدفاع عن نفسها داخل البلاد وخارجها. ولقد فاق اهتمامهم بالحرب أي دولة أخرى معاصرة لهم. وكان اهتمامهم بالمدفعية بالغا، وكذلك باقتباس كل المخترعات الحديثة في الأسلحة وأدوات الحرب، وعنوا بكل الأمور المتصلة بالحرب من إعداد فرق خاصة بمسائل تموين الجنود وإعداد الطرق التي تمر فيها الجيوش، وبنظام المعسكر ووسائل النقل والترفيه عن الجنود.
Shafi da ba'a sani ba