123

ودخل حمى معاوية ليلا ، دخول المنهزم المخذول الذي يعلم في نفسه أي اثم عظيم أتاه.

ثم شاح عنه التاريخ بوجهه ، فلم يذكره الا في قائمته السوداء. وكان ذلك جزاء الخائنين ، الذين يحفرون أجداثهم بايديهم ، ثم يموتون عامدين ، قبل أن يموتوا مرغمين.

وخلقت هزيمة عبيدالله بن عباس في « مسكن » جوا من التشاؤم الذريع ، لم يقتصر أثره على مسكن ، ولكنه تجاوزها الى « المدائن » ايضا. فكانت النكبة الفاقرة بكل معانيها.

وللمسؤوليات الهائلة التي تدرج اليها الموقف بعد هذه النكبة ، ما يحمله عبيدالله أمام الله وأمام التاريخ.

وتسلم قيادة المقدمة بعد فرار قائدها الاول ، صاحبها الشرعي الذي سبق للامام تعيينه للقيادة بعد عبيدالله ، وهو ( قيس بن سعد بن عبادة الانصارى ) العقيدة المصهورة ، والدهاء المعترف به في تاريخ العرب ، والشخصية الممتازة من بقايا أصحاب (1) علي عليه السلام . شب مع الجهاد ، واستمر على الدرب اللاحب. وأنكر على الاخرين ضعفهم حين ضعفوا ، ونقم عليهم استجابتهم للمغريات وعزوفهم عن الواجب.

وما ان دان له المعسكر في مسكن حتى وقف بين صفوفه المتباقية بعد

Shafi 143