فقال عبد المنعم: رأيه في نفسه أنه خير الناس جميعا، لا رأى إلا رأيه، والحكمة موقوفة على رأسه!
فقالت خديجة متهكمة: ومن رأيه أيضا أن يستأجر الناس البيوت دون دفع أجرتها!
فقال عبد المنعم ضاحكا: إنه غير مقتنع بأنه من حق بعض الناس أن يملكوا بيوتا على الإطلاق ..
فقالت خديجة وهي تهز رأسها: يا عيني على الرأي الفقري ..
وحدج أحمد أخاه بنظرة غاضبة، فهز عبد المنعم منكبيه باستهانة وهو يقول: راجع نفسك قبل أن تغضب ..
فقال أحمد محتجا: يحسن بنا ألا نتناقش معا! - بل انتظر حتى تكبر .. - إنك أكبر مني بعام لا أكثر .. - أكبر منك بيوم يعرف أكثر منك بسنة .. - هذا المثل لا أومن به! - اسمع، لا يهمني إلا شيء واحد، هو أن تعود إلى الصلاة معي ..
فهزت خديجة رأسها بأسف وهي تقول: صدق أخوك، الناس تكبر تعقل، أما أنت فأعوذ بالله منك، حتى أبوك صلى وصام، فكيف فعلت بنفسك ما فعلت؟ إني أتساءل ليل نهار!
فقال عبد المنعم بصوت قوي شديد الثقة بنفسه: بالصراحة إن رأسه يحتاج إلى تطهير من الداخل .. - إنه .. - اسمعي، هذا الشاب لا دين له، هذا ما بت أعتقده ..
فلوح أحمد بيده كالغاضب، وهتف متسائلا: من أين لك الحق في الحكم على القلوب؟ - الأفعال تنم عن السرائر (ثم وهو يداري ابتسامة): يا عدو الله! فقال إبراهيم شوكت دون أن يخرج من هدوئه وطمأنينته: لا تتهم أخاك ظلما.
وقالت خديجة مخاطبة عبد المنعم وهي تلحظ أحمد: لا تسلب أخاك أعز ما يملك الإنسان، كيف لا يكون مؤمنا؟! إن آل أمه لا تنقصهم إلا العمائم ليكونوا من رجال الدين، وكان جده من صميم رجال الدين. لقد نشأنا فوجدنا من حولنا يصلون ويتعبدون كأننا في جامع!
Shafi da ba'a sani ba