وعلا الضحك، أما أحمد عبد الجواد فلم يكن أفاق من ذهوله ولكنه رأى أن يتخفف منه بالمشاركة في الضحك. وتساءل محمد عفت بلهجة ذات مغزى وهو يحدق في وجه أحمد: ما وجه العجب في ذلك أليس هو ابن حضرتك؟!
فقال أحمد عبد الجواد وهو يهز رأسه عجبا: عرفته دائما مؤدبا مهذبا هادئ الطبع، لا يرى إلا في مكتبته وهو يقرأ أو يكتب حتى أشفقت عليه من الإغراق في الانزواء والإفراط في عمل لا جدوى منه ..
فقال إبراهيم الفار مداعبا: من يدري فلعل في بيت جليلة فرعا من دار الكتب!
وقال علي عبد الرحيم: أو لعله يعتزل في مكتبته لمطالعة كتاب «رجوع الشيخ»، ماذا تنتظر من رجل بدأ حياته بتقرير أن الإنسان أصله قرد!
وضحكوا فضحك معهم أحمد عبد الجواد الذي كان يعلم بخبرته أن الاستسلام للجد في أمثال هذه الأحوال يجعل منه هدفا سهلا للمزاح والقفش، ثم قال: لهذا لا يفكر الملعون في الزواج حتى ظننت به الظنون! - ما عمر المحروس الآن؟ - في التاسعة والعشرين .. - يا سلام! يجب أن تزوجه، لماذا يرغب عن الزواج؟
تجشأ محمد عفت ثم مسح على كرشه وهو يقول: هذه موضة فحسب، ولكن بنات اليوم يزحمن الشوارع فضعفت الثقة بهن، ألم تسمعوا الشيخ حسنين وهو يغني: يا ما نشوف حاجات تجنن، البيه والهانم عند مزين؟ - ولا تنس الأزمة الاقتصادية وضيق المستقبل أمام الشباب، إن خريجي الجامعة يتوظفون بعشرة جنيهات إن وجدوا وظيفة بطلوع الروح!
وتساءل أحمد عبد الجواد في قلق بين: أخاف أن يعرف أن جليلة كانت يوما صاحبتي أو تعرف هي أنه ابني!
فتساءل علي عبد الرحيم ضاحكا: أحسبتها تستجوب الزبائن؟!
فقال محمد عفت وهو يغمز بعينه: لو عرفته الفاجرة، لقصت عليه قصة أبيه من الألف إلى الياء!
فهتف أحمد عبد الجواد وهو ينفخ: لا قدر الله ولا كان ..
Shafi da ba'a sani ba