فابتسمت زنوبة ابتسامة أرجعتها إلى الوراء عشرة أعوام وتساءلت: ولم لا ترغب في الزواج.
فقال كمال فيما يشبه الضجر: الزواج حبة وأنتم تجعلون منه قبة ..
ولكنه كان يؤمن في أعماقه بأن الزواج قبة لا حبة. وكان يساوره شعور غريب بأنه يوم يذعن للزواج فسيقضى عليه قضاء مبرما. وأنقذه من موقفه صوت أحمد وهو يقول له: آن لنا أن نصعد إلى المكتبة.
فنهض مرحبا بدعوته، ومضى خارجا وعبد المنعم وأحمد ورضوان في أثره. وصعدوا إلى حجرة المكتب لاستعارة بعض الكتب كعادتهم كلما جاءوا البيت القديم زائرين: وكان مكتب كمال يتوسط الحجرة تحت المصباح الكهربائي بين صفين من خزائن الكتب، فجلس إلى مكتبه على حين رأى الشبان يطالعون عناوين الكتب المصفوفة على الأرفف، ثم اختار عبد المنعم كتاب «محاضرات في تاريخ الاسلام»، وجاء أحمد بكتاب «مبادئ الفلسفة»، ثم وقفوا حول مكتبه وهو يردد بصره بينهم صامتا، حتى قال أحمد متضايقا: لن أقرأ كما أحب حتى أتقن لغة أجنبية واحدة على الأقل.
وتمتم عبد المنعم وهو يقرأ صفحات كتابه: لا أحد يعرف الإسلام على حقيقته.
فقال أحمد ساخطا: أخي يتلقى حقيقة الاسلام على يد رجل شبه عامي في خان الخليلي ..
فصاح به عبد المنعم: صه يا زنديق!
ونظر كمال إلى رضوان متسائلا: وأنت ألا تريد كتابا؟
فأجاب عنه عبد المنعم: وقته مشغول بقراءة الجرائد الوفدية ..
فقال رضوان وهو يومئ إلى كمال: في هذا يتفق معي عمي!
Shafi da ba'a sani ba