Sufiyya: Nash'ata da Tarihinta
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Nau'ikan
توجد أنشطة على نحو وافر في السيرتين اللتين تناولتا أبا سعيد وكتبتا في القرن الذي تلا وفاته؛ منها: الإقامة في مسكن صوفي كان هو السيد فيه، والعيش وسط مجموعة من الرجال الذين أقسموا على طاعة كل أوامره، وحماية الفقراء الذين سعوا للعيش تحت مظلته، واستقبال علية القوم والأمراء كما لو كان واحدا منهم، والاستمتاع بمتع بلاط الملوك المتمثلة في الموسيقى والشعر.
112
من ناحية، في القصص الكثيرة الموجودة في السيرتين، التي تروي المساعدة الشديدة للفقراء، نجد أن الصوفية - أو الصوفيين الأقوياء على الأقل - قد اكتسبوا استحسانا جديدا من قبل الجماعات الاجتماعية الريفية. ومن الناحية الأخرى، نرى الصوفي باعتباره مؤسسا لمسكن سيتوارثه خلفاؤه (من عائلته في الغالب)، ويبقى حتى الأجيال المستقبلية عندما يموت الصوفي ويتحول إلى ولي. لقد رأينا بالفعل تكون مفهوم «أولياء الله»، وفي هذه الفترة كان هذا المفهوم يكتسب رأس المال المؤسسي الذي سوف يحوله من الفئة الخطابية إلى الفئة الاجتماعية؛ بحيث يصبح الولي الحي أرستقراطيا روحانيا، ويبجل الولي الميت لدرجة التقديس.
مرة أخرى، كان التفاعل بين النصوص والمصادر المادية لسياقاتها ضروريا جدا لهذا التطور؛ ففي السير التي كتبها من ورث رأس المال والمكانة من مؤسسي مساكن الصوفية، كان الصوفيون أمثال أبي سعيد والكازروني يحظون بالتبجيل من حيث وصفهم بأولياء الله، وأوضحت هذه السير أن مكانتهم الروحانية وقدرتهم على صنع المعجزات تورثان بالإضافة إلى أملاكهم. وإذا كانت هذه التطورات لم تكتمل بعد بنجاح في القرن الحادي عشر نفسه، عندما كان كل ما نراه فحسب هو تأسيس مساكن الصوفية لأول مرة؛ فمن المهم أن ندرك من هذه المرحلة المبكرة العلاقات الخفية والسببية بين تأسيس المساكن وتأسيس الأضرحة. لم تصبح المساكن أضرحة للأولياء من خلال عملية تدهور و«أزمة روحانية» طويلة الأمد مثلما اعتقد جيل سابق من المؤرخين، بل كانتا - أي المساكن والأضرحة - منذ بدايتهما مظاهر مرتبطة للمؤسسات نفسها.
113
فلقد دفن رجال مثل أبي سعيد والكازروني والأنصاري في المساكن التي أسسوها، وحتى أثناء حياتهم في القرن الحادي عشر وصف معاصرهم الهجويري زياراته التي قام بها لقبور الصوفيين الأوائل في كتيبه - المحافظ على نحو حذر - عن الممارسة الصوفية.
114
إذا فما نراه في إنشاء المساكن هو مزج مثير بين رأس المال الرمزي المتمثل في الولاية، ورأس المال المادي المتمثل في المساكن الصوفية. في الفصول القادمة، سوف نتتبع التبعات الهائلة لهذا التطور مع انتشار هذه المساكن والأضرحة من خراسان إلى كل أرجاء العالم الإسلامي.
ملخص
ما لدينا منذ القرون الأولى للتاريخ الصوفي هو تقريبا أدلة نصية فحسب، معظمها غامض للغاية ولا يشير إلا يسيرا إلى السياقات المحددة التي كتبت فيها. وفي سعينا لإيجاد طرق يمكننا من خلالها ربط تلك الأدلة المكتوبة بالعالم الذي نشأت فيه، كانت مهمتنا إلى حد ما تتمثل في محاولة فهم جاذبية الكتابات التي سمحت للصوفية بالتطور والانتشار بعيدا عن أتباعها الأوائل. ومن أجل فعل ذلك، تتبعنا على مدار الصفحات السابقة سلسلة من التطورات التي ما بين منتصف القرن التاسع والقرن الثاني عشر، ضمنت أن مصطلح «صوفي» كان يشير إلى نطاق من الأشخاص والأفكار والأنشطة والمؤسسات، بحلول القرن الثاني عشر، يفوق كثيرا ما كان يشير إليه عند استخدامه لأول مرة من قبل المسلمين قبل ذلك بثلاثة قرون.
Shafi da ba'a sani ba