Sufiyya: Nash'ata da Tarihinta

Safiya Mukhtar d. 1450 AH
150

Sufiyya: Nash'ata da Tarihinta

الصوفية: نشأتها وتاريخها

Nau'ikan

وفي حالة الشيخ صوفي بلال، تضمن الأمر عمل جدائل شعر الراستا الرائجة، ونشر كتيبات عن تعاليمه، وشراء أوقات بث للترويج لنفسه في محطات الإذاعة المحلية. وكما هو الحال في بيئات ما بعد الاستعمار الأخرى، التي انفصل فيها المواطنون العصريون عن التقاليد الأدبية لأسلافهم بسبب سياسات اللغة التي فرضها الاستعمار، نجد أن كتابات الصوفيين أمثال صوفي بلال كانت باللغة الفرنسية، وليست باللغة العربية التي كتب بها الصوفيون قاطنو الصحراء الكبرى في العصور السابقة. لكن إذا كان هذا ينطوي بالتأكيد على إعادة صياغة للتقليد، فإن الحقيقة الذرائعية للأمر تتمثل في أن اللغة الفرنسية، لا اللغة العربية، هي ما جعلت هؤلاء الصوفيين جذابين في أعين جماهيرهم الحضرية العريضة. وكنوع من إضفاء الطابع المحلي في فترة ما بعد الاستعمار، أصبحت لغات مثل الفرنسية والإنجليزية من لغات الإسلام الصوفي الجديدة، لتحلا محل اللغتين الفارسية والتركية، اللتين كانت لهما القيادة في السابق. (4-2) الصوفية في الغرب

في سياق العولمة نجد أن ظهور اللغات الأوروبية كوسيلة للتعبير الصوفي يمكن رؤيته أيضا في انتشار الطرق الصوفية في العصر الحديث في أوروبا وأمريكا. وعند انتقال الصوفية إلى هذه السياقات الاجتماعية الجديدة، تغيرت هي نفسها في بعض الأحيان بسبب احتياجات السكان المختلفين الذين خاطبتهم؛ إذ كانت لدى بعضهم رغبة في «تصوف» عالمي وليس الإسلام. وكما رأينا في السابق، فإن الصوفيين كانوا قد بدءوا بالفعل في الانتقال إلى أوروبا وأمريكا أثناء فترة الاستعمار، سواء من خلال رحلات شمال أفريقيا التي قام بها الباطنيون السويسريون أمثال فريتجوف شوان، أو الرحلات الأمريكية التي قام بها الصوفيون الهنود أمثال عنايت خان. لقد تزايد هذا الانتشار الجديد في النصف الثاني من القرن العشرين المتأثر بالعولمة تأثرا شديدا.

يمكن ملاحظة ثلاثة أنماط عامة وسط هذا العدد المتزايد من الجماعات الصوفية التي تكونت في الغرب في فترة ما بعد الاستعمار؛ أما النمط الأول الذي كان يضم ما يمكن وصفهم بأنهم «الصوفيون المهاجرون»، فتضمن جلب جماعات صوفية كجزء من عملية أكبر متمثلة في تأسيس مجتمعات المهاجرين. وفي هذه الحالات، تنوعت أشكال الصوفية وفقا للخلفيات الإقليمية والطبقية والتعليمية لمجتمع المهاجرين ذي الصلة، وخضعت للتعديل مع تغير التفضيلات الدينية للمهاجرين أنفسهم نتيجة لتجاربهم في أوطانهم الجديدة. وعلى الرغم من أن البيئات نفسها التي وجد فيها هؤلاء الصوفيون كانت جديدة في حد ذاتها كما رأينا في الفصول السابقة، فإن نمط هجرة الصوفيين في أعقاب التحركات السكانية الواسعة ليس بالجديد وإنما أكثر قدما. أما النمط الثاني الذي كان يضم ما يمكن وصفهم بأنهم «الصوفيون الرياديون»، فتضمن صوفيين لم يكن لديهم مجتمع هجرة مضيف موجود من قبل، وجمعوا أتباعا كانوا في الأساس إما من مناطق إسلامية مختلفة عن مناطقهم وإما غربيين متحولين حديثا إلى الإسلام. مرة أخرى، على الرغم من أن البيئة كانت مختلفة، فإن النمط نفسه كانت له سوابق متعددة، خاصة في القرن التاسع عشر الذي اتسم بالحراك بسبب السفن البخارية والسكك الحديدية؛ حيث شهدنا صوفيين روادا مشابهين قادمين من أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، يجمعون أتباعا من مجموعات عرقية مختلفة في جنوب آسيا وجنوب شرقها. أما النمط الثالث الذي يضم ما يمكن وصفهم بأنهم «الصوفيون المندمجون»، فتضمن صوفيين من أصول مسلمة أو من أصول غير مسلمة تربوا في دول غربية، وجذبوا أتباعا كانوا مثلهم إما متحولين إلى الإسلام وإما مسلمين مولودين في الغرب. ونظرا لكون هؤلاء الصوفيين متأثرين كثيرا بالأفكار والتوقعات الأوروبية الأمريكية، فقد تشكلوا في كثير من الحالات من خلال حركة العصر الجديد، أو الاتجاهات الباطنية الرائجة في السوق الديني. وعلى الرغم من أن هذا النمط الأخير ظهر بالتأكيد بسبب التفاعلات الاستعمارية التي رأيناها بين السالكين الأوروبيين وشيوخ شمال أفريقيا أو شيوخ الهند في بعض الأحيان في أوائل القرن العشرين، فإنه لم تكن له سوابق مهمة قديما.

143

وتعرض الصفحات التالية أمثلة على كل نمط من هذه الأنماط الثلاثة؛ لندرك تنوع الجماعات الصوفية المتضمنة في هذا التوسع الغربي الثلاثي الأشكال.

إذا التفتنا إلى النمط الأول، فسنجد أننا رأينا بالفعل أحد الأمثلة المهمة على الصوفيين المهاجرين عندما تناولنا أتباع الطريقة المريدية في غرب أفريقيا، الذين حملت تجارتهم المتنقلة حول العالم ممارساتهم إلى مجتمع الشتات السنغالي المنتشر بأعداد قليلة في كل الدول الأوروبية تقريبا. وعندما انتشر المريديون في فرنسا وما وراءها بعد ذلك، استمرت شبكة التجارة التي أسسها في الأصل مباكي وأسرته مع اقتصاد الاستعمار الفرنسي حتى فترة ما بعد الاستعمار، على يد أتباع الطريقة المريدية الذين جلبوا معهم - إلى جانب مصنوعاتهم اليدوية الأفريقية والساعات المقلدة - تقليدهم، بما في ذلك إنشاد الذكر، وتعليق ملصقات مباكي أينما عملوا.

144

وفي حالة الصوفيين المهاجرين من جنوب آسيا، أدت هجرة الباكستانيين إلى بريطانيا إلى ظهور أنماط معقدة من التداول الديني؛ لأن الطرق الصوفية التي نشأت في الأصل في الوطن الآسيوي اتخذت أشكالا جديدة في بريطانيا قبل تصديرها بدورها مرة أخرى إلى باكستان.

145

ومن أمثلة ذلك طريقة زنده بير التي ظهرت عند التلال السفحية لجبال الهيمالايا القاحلة في مدينة كوهات الباكستانية، في خمسينيات القرن العشرين، وانتشرت تدريجيا بين الباكستانيين البريطانيين من خلال جهود الجندي السابق وعامل المسبك صوفي صاحب في برمنجهام. وفي ثمانينيات القرن العشرين، نجد أن الطريقة التي كانت في الأصل مهمشة اجتماعيا في كل من باكستان وإنجلترا تطورت إلى شبكة شتات باكستاني عالمية، يتدفق من خلالها الزوار والأموال، وكذلك التقاليد الطقسية، وطلاسم التحصين، والممارسات التأملية. وعلى الرغم من أن تلك الطريقة كانت مقتصرة على مجتمع الشتات الباكستاني على وجه الخصوص، شأنها شأن بقية أشكال الصوفية المهاجرة الأخرى في الغرب، فإنها من خلال تقديم عقيدة تصوفية متماسكة، وكذلك جلسات لطرد شياطين «الجن»، حازت على إعجاب الأطباء المتعلمين، وكذلك ربات البيوت غير المتعلمات، الذين مثلوا الجالية الباكستانية العالمية في نهاية القرن العشرين.

Shafi da ba'a sani ba