Sufiyya: Nash'ata da Tarihinta
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Nau'ikan
إذا كانت الفرص التي جاءت مع التعاون الاستعماري والتقنيات الصناعية تشير إلى ضرورة عدم اعتبار أن الصوفيين هم الخاسرون الواضحون في عصر الاستعمار والحداثة، فإنهم بالتأكيد ليسوا الجماعة الإسلامية الوحيدة التي انتهزت الفرص التي قدمتها الظروف الجديدة. فالنسق الذي بدأ كإصلاح صوفي فقهي التوجه في أوائل العصر الحديث نأى بنفسه تدريجيا مع مرور القرن التاسع عشر عن أصوله الصوفية تحت ضغوط الاستعمار، وأصبح حركة إصلاح مناهضة بشدة للصوفية، قدمت الصوفيين على أنهم العقبة الأساسية في سبيل تجديد الإيمان وليسوا الوسيلة له.
5
وتزايد الهجوم القديم على البدع في أواخر القرن التاسع عشر ليتحول إلى مطالبة بإصلاح كامل للإيمان، وكان هذا إلى حد ما استجابة لقراءة دينية للتاريخ رأت أن الاستعمار وانهيار القوة الإسلامية عقاب على الانحراف عن طريق الإسلام الحق. وفي كثير من الحالات السابقة كان قادة حركات الإصلاح هذه هم أنفسهم من الصوفيون، وكانت وسائلهم التنظيمية هي الطرق الصوفية، واعتمادا على تطورات القرن الثامن عشر من خلال مزايا السفر بوسائل النقل البخارية، أصبحت بعض هذه الطرق الإصلاحية عالمية النطاق حقا؛ فربطت أفريقيا وشبه الجزيرة العربية وجنوب شرق آسيا وأوروبا داخل إطار سيرة أفراد منفردين.
6
ونظرا لأن الأنماط الاستعمارية المتغيرة للتجارة العالمية خلقت حالات تدهور مقابلة في المناطق الخارجة عن السيطرة الاستعمارية، أو نظرا لأن ظروف الحكم الاستعماري عززت التحرر من سطوة القادة الصوفيين المتمرسين؛ تمكنت الطرق الإصلاحية من الاستفادة من المطالبة الجديدة بالتغيير الديني، مع التعهد في الوقت نفسه بتقديم النسخة الأصلية من التقليد الصوفي.
7
على الرغم من ذلك، وبالنظر في التجربة التاريخية المتمثلة في انهيار القوة الإسلامية، فإنه في أوائل القرن العشرين اتخذ المتحدثون الرسميون للحركات الإصلاحية الأخرى، والأكثر نجاحا في نهاية المطاف، خطوة كارثية تتمثل في ترك التقليد الصوفي بالكامل. ونظرا للخلفية الصوفية لكل كبار مؤسسي حركات الإصلاح المناهضة للصوفية، يمكن الزعم بأن الطرق الإصلاحية التي ظهرت في القرن التاسع عشر كانت بمنزلة حصان طروادة، الذي سمح بتفريغ الصوفية تدريجيا من الداخل؛ ففي فترة شهدت ظهور الحركات «الأصولية» في عدد من أديان العالم، زعمت حركات التجديد التي ظهرت في مناطق إسلامية مختلفة أن العودة إلى أسس الإسلام المتمثلة في الكتاب والسنة تتطلب التخلص من كل ما يقف بين المسلم المعاصر وبين القرآن والحديث. ونظرا لأن الصوفية هي مجموع الطقوس والتأملات والمؤسسات التي تكونت أثناء هذه القرون المتخللة - أي أنها تقليد - فقد كانت الضحية المطلوبة للعودة الإصلاحية المباشرة هذه إلى الأصول.
وجد هذا الرفض للتقليد مؤيدين كثر، خاصة بين الطبقة الوسطى من الحضريين والمتعلمين الذين مقتوا ما اعتبروه أبهة وامتيازات وفتورا وكسلا من جانب الصوفيين الذين عاشوا معتمدين على الشحاذة في الشوارع أو على المعاشات في عزبهم. وفي أوائل القرن العشرين، كانت تحولات الحداثة تخلق سكانا مسلمين جددا ، إما معزولين عن المؤسسات الصوفية القديمة المتمثلة في الأضرحة والطرق، وإما غير مرتبطين بها. وعن طريق المدارس الحديثة والأفكار العلمية، كانت تنتشر أيضا بين المسلمين المؤسسات وأنواع المعرفة الجديدة التي تجاهلت الصوفيين أو تحدت الأسس المعرفية لتعاليمهم، وكان هذا راجعا جزئيا إلى تأثير الاستعمار. وبالنسبة إلى كثير من المسلمين الذين نشئوا في هذه الظروف الجديدة مثل الصوفيون نوعا من الإسلام غير مناسب، إن لم يكن زائفا. ومع ظهور الحركات القومية المناهضة للاستعمار عزز قرب كثير من الصوفيين البارزين من القوى الاستعمارية أو من النخب غير المؤتمنة في المناطق الإسلامية القليلة المستقلة؛ الأبعاد المناهضة للصوفية، المميزة لهذا النوع من التدين المتحرر من الوهم.
على الرغم من ذلك، لم يكن هذا المسار المألوف بعض الشيء للحداثة المناهضة للتصوف سوى جزء من القصة، وعلى الرغم من التوقعات العلمانية لمنظري الحداثة في منتصف القرن العشرين، فإن الصوفية لم تختف في النصف الثاني من القرن في أعقاب نهاية الاستعمار؛ فعن طريق الحوار الجدلي للصوفيين مع منتقديهم الإصلاحيين والحداثيين ظهرت أيضا حركة مناهضة للإصلاح، حاولت إصلاح أو تحديث الصوفية بدورها. وفي حالات كثيرة، اختار المنتسبون لهذه الحركات المناهضة للإصلاح عدم وصف أنفسهم بالصوفيين المنتمين للطرق الصوفية، بل وصفوا أنفسهم - كما هو الحال مع الحركة البريلوية البالغة النجاح في الهند وباكستان - بالمسلمين الملتزمين المنتمين إلى «أهل السنة والجماعة»، الذين تعلموا في المدارس بدلا من المساكن الصوفية المميزة.
8
Shafi da ba'a sani ba