Sudan
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Nau'ikan
الحالة الحاصلة عند قناطر الدلتا في إبان الزيادة مبينة بالرسم رقم 1 الوارد في الذيل (ح) من التقرير، وهي مبنية على التصرف خلف قناطر الدلتا ومنحنيات النهر، هي عن معدل السنين من سنة 1912 إلى 1925 وعن سنة 1913 الشحيحة على خلاف العادة وعن سنة 1915 التي فيضانها أردأ الفيضانات في مدة 14 سنة إذا استثنينا سنة 1913. وقد روعي مقدار الماء الذي استعمل في الري خلف القناطر. وفي هذا الوقت وبين تأثير خزان سنار حسب برنامج الموازنة المبين بالجدول رقم 5 الوارد في صحيفة 87 من كتاب ضبط النيل، وروعي في بيان هذا التأثير زمن انتقال الماء، وهو كما قدمنا يتغير تبعا لحالة الفيضان.
يتضح من الرسم أنه في السنين المعتادة، وحين يبدو في قناطر إسنا أثر سحب الماء عند سنار يكون الماء الذي ينساب في فرعي النيل 150 مليون متر مكعب في اليوم تقريبا، ويكون أثر السحب عند سد سنار ضئيلا لا أهمية له ولو كان هذا السحب في سنة 1915 لما أضر بمصر وإن استشعرت أثره. ولو كان في سنة 1913 لاقتضى أخذ الماء من النهر قبل استقرار الزيادة من الفيضان بنحو 10 أيام، فالنتيجة التي تستخلص من هذا الرسم هي أن الترتيب الذي يقول عنه كتاب «ضبط النيل» مناسب بشرط أن تتأخر زيادة النيل عن وقت مجيئها في سنة 915، وذلك الترتيب يقضي أن تبدأ ترعة الجزيرة يوم 16 يوليو في أخذ الماء من النهر عند سنار بالمقادير المقررة. أما في السنين الأقل فيضانا من سنة 915 فيحتاج إلى الماء اللازم للري في مصر.
تقدم في الفقرة 41 أن اللجنة تشعر أنها إذا تصدت للتقليل من كمية الماء الذي سبق تخصيصه لهذا المشروع، والذي من أجله ارتبط أحد الفريقين بتعهد تكون قد تخطت حدود اختصاصها. أما مسألة تأخير فتح ترعة الجزيرة أياما في سني تأخير زيادة النيل فللجنة فيها نظر آخر. ذلك أن الماء في هذا الوقت يكون مطلوبا في مصر، ولا سيما في زراعة الذرة، وهذه ينبغي التبكير بها كي يجود المحصول. كذلك في الجزيرة يستحسن التبكير بزراعة القطن، والمعقول أن السودان في كل سنة تتأخر فيها زيادة النيل يقاسم مصر كل ضرر ينجم عن تأخر وقت الزراعة.
هذا الجدول أثبت في هذا التقرير وجعل الذيل «د».
إن حالة الفيضان في سنة 1915 يمكن أن تعتبر أردأ الحالات التي يلائمها العمل بالترتيب المقرر في كتاب «ضبط النيل»، كما يمكن اعتبار فيضان سنة 1913 أردأ فيضان ممكن، وقد يكفي في تحقيق الغايات التي تتوخاها اللجنة - تدرج يعمل به في تأخير فتح ترعة الجزيرة بنسبة تقصير الفيضان عما وصل إليه في سنة 1915، ومثل هذا الجدول يمكن استنباطه من الأرقام الواردة في الذيل «ه» من ذيول هذا التقرير، وهذه الأرقام تدل على أنه في سنة 1915 وسنة 1913، وفي التاريخ الذي يمكن فيه للسودان سحب الماء يبلغ مجموع تصرف النيل الأزرق وتصرف النيل الأبيض معا 142 مليون متر مكعب يوميا، ومعدل التصرف 160 مليونا أخذا بالأحوط أن لا تستمد ترعة الجزيرة ماءها من التصرف الطبيعي إلا بعد أن يبلغ معدل التصرف في خمسة أيام 160 مليونا في اليوم في سنار وملكال مع تقديم تاريخ ملكال عشرة أيام.
والواقع أن اللجنة وإن قدمت هذا الاقتراح من باب توخي العدل والمساواة في المعاملة لا تعتقد أن مصر يلحقها ضرر يذكر إذا جرى العمل في مشروعات السودان على النحو المبين في كتاب «ضبط النيل» بلا نظر إلى حالة الفيضان. ثم إن اللجنة كما قدمنا لا تميل إلى التعقيد الذي قد يجر إلى استعمال جدول التدرج، غير أنها ترى حالة الفيضان في هذه المسألة بالذات عاملا ذا أثر مباشر كما ترى العمل بهذا الجدول سهلا، وهي لا تتوقع صعوبة ما في العمل به عند الحاجة إليه وهي نادرة. لهذا تشير باتباع هذه الطريقة إذا بدا لجهات الاختصاص أن لا تتقيد بالتاريخ الثابت وسهولة العمل به. (8-6) الفيضان
إذا استقرت زيادة النيل في النصف الثاني من يونية كما قدمنا بقي النظر في مقدار المياه - إن وجدت - التي يمكن أن يأخذها السودان علاوة على المقادير المقررة لمشروع الجزيرة في كتاب «ضبط النيل» دون أن يترتب على اختصاص السودان بها الإضرار بمصلحة مصر أو الخروج عن القواعد التي تأخذ اللجنة بها. هذا وفي الرسم رقم 2 و3 و4 بيان كمية المياه التي تنساب في البحر الأبيض في السنين المعتادة، وفي سنة 1915 وسنة 1913، وهما أقل السنين فيضانا، وفي هذه الرسوم أيضا بيان تأثير ترعة الجزيرة وملء خزان سنار وخزان جبل الأولياء. وقد وصل إلى علم اللجنة أن وزارة الأشغال العمومية قد وافقت على تفصيلات مشروع هذا الخزان بعد تنقيحه، هذا غير أن اللجنة لم تعلم ما هي التفصيلات على وجه التحقيق.
وعلى هذا فما في الرسوم من بيان لملء الخزان هذا إنما هو افتراض من اللجنة الغرض الأكبر منه إظهار مقدار سعته بالنسبة لمقدار الماء الميسور في هذا الوقت. ولما كان ماء النيل الأبيض خاليا من الطمي فملؤه ممكن في أي وقت خلافا لخزان أسوان وخزان سنار.
ترى اللجنة أن ما يزداد على نصيب السودان من الماء ينبغي أن يكون بقدر معتدل، وإن كان الماء غير مستعمل كثيرا في هذا الفصل. وإنما رأت ذلك لسببين: أولهما أن الضائع من المياه في سنار وجبل الأولياء مشكوك في مقداره الآن، ولا سبيل إلى تقديره بالدقة إلا بعد تشغيل الخزانين سنة أو سنتين، والثاني تأثير المناسيب في حياض مصر، وقد نظرت اللجنة في هذا الموضوع بدقة وأعدت الذيل «و» من ذيول هذا التقرير لتبين به هذا الأثر الذي أحدثه عند السودان أخذ 100 متر مكعب و50 مترا مكعبا و200 متر مكعب أثناء فيضانات السنين 1911 و1913 و1915 و1918. وقد كانت كلها فيضانات شحيحة، ولم يحسب الأثر الذي يحدثه ملء خزان جبل الأولياء بعد تعديله، ولكن من الواضح أن أثر هذا الخزان في مصر يكون أكبر كثيرا من أثر سحب المياه عند سنار حسب التقدير الحالي.
ومن الاعتبارات ذات الشأن التي لها دخل في هذه المسألة أن مياه الري اللازمة لترعة الجزيرة لا تبلغ حدها الأقصى في أغسطس وسبتمبر، أي في وقت بلوغ الفيضان أقصاه، كما يؤخذ من تجارب الري بالطلمبات والقطن في السودان أن يزرع في أواخر يولية وأوائل أغسطس، ونظرا لهطول الأمطار في هذا الوقت لا يحتاج إلى الرية الثانية إلا في أواخر سبتمبر. أما زراعة المواد الغذائية فتأتي بعد القطن. وعلى هذا فترعة الجزيرة مهما بلغ أقصى التصرف المقرر لها في زمن الفيضان لا يأخذ في الواقع إلا مقدارا أقل من هذا التصرف في وقت ملء الحياض في مصر .
Shafi da ba'a sani ba