218

Sudan

السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)

Nau'ikan

هوامش

الفصل التاسع عشر

جمعية اللواء الأبيض

قلنا: إن حوادث مصر في سنة 1919 وما تلاها، وفي ضمن ذلك مفاوضات ملنر والخلاف بين الزعيم سعد والمغفور له عدلي يكن باشا سنة 1921 ومفاوضات كرزون، كان لها صدى في السودان، وبينا أسباب ذلك، وقد وجدت هذه الحوادث في بيئة الشبان الموظفين السودانيين نفوسا مستعدة لمشايعة الحركة الوطنية المصرية، والهتاف معها بحياة الملك فؤاد وسعد باشا والوفد والاستقلال التام لمصر والسودان.

على أنهم قد رأوا أن هذه المشايعة القلبية غير كافية؛ ومن ثم اتجهوا إلى تكوين هيئة ذات برنامج. وكان ذلك بتأليف جمعية اللواء الأبيض، التي ظهر نشاطها ووجودها مع نشاط مصر بتأليف الوزارة السعدية واجتماع البرلمان المصري سنة 1924 ودعوة وزارة العمال الإنكليزية الأولى سعدا للمفاوضة.

وقد أنشئت الجمعية. وتألفت الهيئة التنفيذية للجمعية برياسة الملازم أول علي عبد اللطيف وسكرتيريه المرحوم عبيد الحاج الأمين مترجم سابق بمصلحة السجون السودانية بالخرطوم، وعضوية صالح عبد القادر وحسن شريف وحسن صالح الموظفين يومئذ بمصلحة البوستة والتلغراف بالخرطوم.

ومن أعضاء آخرين منهم: المرحوم المهندس السوداني محمد سر الختم بالري المصري بالخرطوم، وعلي ملاسي ووهبة إبراهيم الموظفين بالبوسته والتلغراف، وعبيد صالح إدريس بالجمارك، والشيخ عمر دفع الله التاجر بأم درمان، ومحمد المهدي الخليفة نجل التعايشي، وعرفات محمد عبد الله، وعثمان محمد هاشم.

وهناك أعضاء سريون خفيت أسماؤهم، وكان أكثرهم من موظفي الحكومة السودانية. وقد وضعوا برنامجا لجمعيتهم، ويتلخص في المجاهرة بتأييد المصريين في موقفهم بطلب الاستقلال التام لمصر والسودان.

وأنشئت فروع للجمعية في بورسودان، والأبيض، وواد مدني وعواصم أخرى. وكان القصد من تأليف الجمعية وحركتها معارضة حركة أخرى ظهرت في السودان لتوقيع عرائض ضد المصريين وبطلب فصل السودان عن مصر. وقد جمعت الجمعية عرائض ثقة بتأييد المصريين، وأرسلت العرائض إلى القاهرة مع الملازم أول زين العابدين عبد التام ومحمد المهدي الخليفة. ولكن الحكومة قبضت عليهما في حلفا في أثناء سفرهما إلى القاهرة وأعادتهما إلى الخرطوم، أما العرائض فقد تمكنا من تسليمها إلى موظف مصري كان يرافقهما. وكان ذلك تأييدا لسعد باشا لمناسبة اقتراب مفاوضاته، وكان من مظاهر نشاط الجمعية احتجاجات في الجرائد المصرية والإنكليزية على الحكومة السودانية. وأنشئت فروع للجمعية في العطبرة وحلفا وبورسودان ومروى وواد مدني. وقد جهدت الحكومة السودانية عندئذ في منع هذه الحركة، فعمدت إلى نقل أعضائها، وهم من الموظفين بها إلى جهات بعيدا عن الخرطوم.

بعد ذلك أخذت الجمعية تجاهر بنشاطها، فوزعت منشورات ونظمت مظاهرات هتفت بحياة سعد باشا وبنداءات أخرى. فقبضت الحكومة على المتظاهرين وحاكمتهم، وأصدرت المحكمة الجنائية بالخرطوم أحكاما مختلفة منها سجن «علي عبد اللطيف» لمدة ثلاث سنوات بتهمة التحريض على المظاهرات وبسجن الآخرين لمدة ستة أشهر بتهمة التظاهر. وذلك في شهر يوليو سنة 1924.

Shafi da ba'a sani ba