تأليف
مارون عبود
هذا مذهبي
مذهبي في الحياة أن لا مذهب لي فيها؛ فكل أعمالي خبص في خبص، ما أريده لا أفعله، والشيء الذي لا أريده إياه أصنع. أحسبني كرة في يد لاعب جبار يقذفها في الفضاء، فلا هو ولا هي تدري أنى تتوجه، وأين يكون مستقرها! فالحياة في نظري لعبة تتلهى بها قوة سرمدية أزلية تخرج منها أنماطا لا تدرك، ولا يزال في قرارتها غرائب وعجائب لا نهاية لها، كلما تزاوجت أنسلت أقزاما وعماليق، وكلما انفعل الكائن الأزلي تفجرت قواه اللامتناهية، وانبثق إلى الوجود ما يحير كل موجود.
في مذهبي أن الدماغ البشري هو المستودع النائمة فيه - إلى حين - أسرار الطبيعة، وقد عاينته، يبرزها إلى الوجود واحدا واحدا في سبعين عاما، فما كان مستحيلا أمسى ممكنا.
لا أتمثل الحياة إلا مدرسة لا نهاية لدروسها، خريجها يتوارى في الظلمة قبل أن يرى النور الذي ينتظر، ومع ذلك أراني أومن بالحياة إيمانا عميقا لا قرار له، وأحبها محبة كلية ولكنها بدون رجاء.
أومن بالإنسان، ابنها الوحيد، الخالق الأعظم المنبثق من الأرض والسماء، فهو جرم أرضي سماوي في وقت معا. إني أرى الأرض مصدر كل خير وبركة، ومع ذلك يكفر بها الناس، وينكرون فضلها عليهم، ويفتشون عن سعادتهم في غيرها، أما أنا فمذهبي في الحياة هو مذهب طرفة القائل:
فإن كنت لا تسطيع دفع منيتي
فدعني أبادرها بما ملكت يدي
لا أومن إلا بأني سوف أموت، ولا يعنيني كل ما يقال عني بعد ذلك.
Shafi da ba'a sani ba