1 - كيف يكون الطفل بارا؟
2 - واجب النفس
3 - واجب الجسم
4 - كيف تكون رجلا فاضلا؟
5 - الصفات التي يجب أن يتحلى بها الإنسان
6 - سجايا القلب وصفاته
7 - سجايا الطبائع أو شمائلها وصفاتهما
8 - صفات خصوصية في أحوال مختلفة
9 - النقائص التي يجب اجتنابها
10 - حكم العادة أو تأثيرها
11 - الغرض من الحياة
1 - كيف يكون الطفل بارا؟
2 - واجب النفس
3 - واجب الجسم
4 - كيف تكون رجلا فاضلا؟
5 - الصفات التي يجب أن يتحلى بها الإنسان
6 - سجايا القلب وصفاته
7 - سجايا الطبائع أو شمائلها وصفاتهما
8 - صفات خصوصية في أحوال مختلفة
9 - النقائص التي يجب اجتنابها
10 - حكم العادة أو تأثيرها
11 - الغرض من الحياة
سؤال وجواب
سؤال وجواب
تأليف
محمد حافظ إبراهيم
الفصل الأول
كيف يكون الطفل بارا؟
س:
من أنت ومن عسى أن تكون؟
ج:
لم أكن غير طفل ...
س:
أي طفل تريد أن تكون؟
ج:
أريد أن أكون طفلا بارا.
س:
كيف تكون طفلا بارا؟
ج:
أكون طفلا بارا إذا سعدت بي أمي ولم يشق بي أبي.
س:
لماذا تريد أن يسعد بك والداك؟
ج:
لأنهما باران بي.
س:
كيف تعرف أن أباك بار بك؟
ج:
أعرف أن أبي بار بي بأنه يكد
1
ويكدح
2
ليطعمني ويكسوني، ولأنه يهتم بأمر تربيتي فلا ينقصني شيء.
س:
ألا يهتم أبوك بغير طعامك وكسائك؟
ج:
أبي يمحضني
3
فوق ذاك النصيحة الصادقة، ويعلمني القدوة الحسنة.
س:
ما هي القدوة الحسنة التي يعلمها لك أبوك؟
ج:
إن أبي يحبب إلي العمل والاستقامة، والطيبة والصدق، والقناعة، والتبصر.
س:
كيف يحببك والداك في العمل؟
ج:
عند الهبوب
4
من النوم أرى أبي مبكرا إلى عمله، وهو يستقبله بارتياح ونشاط، فإذا عاد في المساء وعليه آثار التعب من عمله الشاق في يومه لا أراه يشكو ولا يتضجر.
س:
كيف يعلمك أبوك الاستقامة؟
ج:
أبي يعلمني الاستقامة بحرصه على أن لا يخطئ في حق غيره، وطالما سمعت الناس يذكرونه بالخير ويقولون إنه رجل مستقيم.
س:
كيف يعلمك أبوك الطيبة؟
ج:
يعلمني أبي الطيبة باهتمامه بشئون والدتي واحترامها وبعطفه علي وعلى إخوتي وأخواتي واعتنائه بالجميع.
س:
ألا يصنع أبوك هذا الصنع مع غير من ذكرت؟
ج:
إنه يصنع ذلك حتى مع الغير، فلم أسمعه مرة يغتاب جارا له، وطالما رأيته يسرع إلى نجدة
5
من هم أشد منه فقرا.
س:
كيف يعلمك والدك الصدق؟
ج:
أبي يعلمني الصدق لأنه يمقت الكذب، وكم علمني أن أقول الحقيقة مهما كانت مغبتها.
6
س:
كيف يعلمك أبوك القناعة؟
ج:
أبي يعلمني القناعة لأنه يعطي والدتي أجره في كل أسبوع لا يؤثر نفسه بشيء منه.
س:
كيف يعلمك أبوك التبصر؟
7
ج:
يعلمني أبي التبصر لأنه يقتصد في كل أسبوع جانبا من كسبه، ويدفع في كل شهر قسطه لجمعية التعاون.
س:
ما هي النصائح التي تتلقاها من أبيك فيما يختص بأسرتك
8
التي تعيش فيها؟
ج:
إن أبي يقول لي دائما: أحبب أمك واحترمها، وكن على وفاق مع إخوتك، وكن الحارس لأخواتك والعضد لإخوتك الصغار.
س:
ما هي النصائح التي تتلقاها من أبيك فيما يختص بسلوكك في المدرسة؟
ج:
إن أبي يقول لي: احتكم في المدرسة أستاذك وأخلص له الولاء واجتهد في درسك، فإنه واجبك الذي ينفعك.
س:
ما هي النصائح التي تتلقاها من أبيك فيما يختص بالاستقامة؟
ج:
إن أبي يقول لي دائما: اجتهد في أن تكون رجلا فاضلا فكن شريفا، وكن كريما، وكن شجاعا، ولا تخش في حياتك إلا من واحدة: من أن تكون نذلا ساقطا.
س:
ما هي النصائح التي تتلقاها من أبيك فيما يختص بوطنك؟
ج:
إن أبي يقول دائما: رض نفسك
9
على أن تكون وطنيا صادقا في خدمة بلدك، وأن تكون جنديا شجاعا للذود عنه.
س:
كيف تعرف أن أمك بارة بك؟
ج:
منذ خرجت إلى الدنيا وأنا أرى أمي تسهر على راحتي، وهي التي تغذوني وتكتنفني بالعناية، وإني أذكر أنني مرضت في العام الماضي مرضة، فلم أرها فارقت سريري بياض يومها ولا سواد ليلها.
س:
ألا تفعل أمك شيئا غير السهر عليك والعناية بك؟
ج:
بلى، فإنها رفيقة بإخوتي وأخواتي بارة بهم برها بي، وهي التي تتولى في الدار شئون النظام والنظافة، وهي التي تنشر فيها الغبطة والسرور، فمنها نستمد السعادة وعليها مدار الراحة.
س:
ألا تشتغل أمك بغيرك وغير إخوتك وأخواتك؟
ج:
بلى، فإنها تشتغل بالعطف على والدي وتشجيعه على تحمل التعب والآلام بما تنفثه
10
في أذنه من الكلام الطيب.
فإذا رأته مشتغل البال بالغت في محاسنته حتى تسري عنه
11
ما هو فيه.
س:
ألا تهتم أمك بغير من ذكرت؟
ج:
بلى، فإن أمي محسنة إلى الغير غير متباطئة في خدمتهم حتى إني لأرى الناس كلهم يحبونها ويجلونها.
س:
أي شيء تعلمك أمك؟
ج:
إن أمي توصيني كل يوم أن أكون عاقلا، وألا أكون سببا في شقاء والدي، وأن أشتغل بجد ونشاط لأجل أن أعوله في شيخوخته كما عالني في طفولتي، وهي التي تذكرني بالخالق جل شأنه وتعلمني كيف أحبه وأعبده.
س:
فكيف تريد إذن أن تكون؟
ج:
أريد أن أكون رجلا فاضلا.
س:
من هو الرجل الفاضل؟
ج:
الرجل الفاضل هو الذي يقوم بالواجب لنفسه وأهله.
الفصل الثاني
واجب النفس
س:
كيف تعرف أن لك نفسا؟
ج:
أعرف أن لي نفسا لأني أفهم، وأحس، وأريد.
س:
كيف تعلم أنك تفهم؟ وما هو مظهر فهمك أو ذكائك؟
ج:
إن مظهر ذكائي يتجلى لي كلما حفظت درسا أو حللت مسألة، والفضل كل الفضل في ذلك للإيضاحات التي أتلقاها عن أستاذي وأقاربي، فهي التي ترشدني إلى كل ما هو حق وعدل ومحمود.
س:
ما هو مظهر شعورك أو إحساسك؟
ج:
إن مظهر إحساسي يتجلى لي كلما رأيت نفسي محمولا على حب أشباهي ومواساتهم، فإذا تراءى لي منظر جميل أو قص علي نبأ عمل جليل تحركت نفسي وتنبهت عواطفي.
س:
ما هو مظهر إرادتك؟
ج:
إن مظهر إرادتي يتجلى لي كلما رأيت في نفسي ميلا إلى اللهو واللعب فخالفتها، ونزعت إلى العمل، وكلما هممت بارتكاب أمر ملوم فقاومتها حتى أصرفها عنه، وكلما وقفت موقف الخيار بين شيئين، فوطنتها على اختيار أشرفهما وإن كان مرا وصرفتها عن أجملهما وإن كان حلوا.
س:
ما الذي يأذن لك بتحقيق تلك المظاهر: مظاهر الفهم، والإحساس، والإرادة؟
ج:
سريرتي أو ضميري.
س:
ما هي السريرة أو الضمير؟
ج:
هي ذلك الصوت الداخلي الذي يلهمني التفريق بين الخير والشر، هي الدليل الذي يقودني في الحياة، والقاضي الذي يقاضيني على عمل الشر، والذي أرتاح لوقوفي بين يديه عند صنع الخير.
س:
أيجب على المرء أن يطيع نداء السريرة؟
ج:
نعم، يجب على المرء أن يطيع ذلك النداء وأن يعمل بما يوحيه إليه، فلا يحجم في سبيله أمام الصعوبات، ولا يجمد
1
أمام المشاق.
الفصل الثالث
واجب الجسم
س:
لماذا يجب عليك أن تحافظ على صحة الجسم؟
ج:
يجب علي أن أحافظ على صحة الجسم؛ لأجل تلك الصلة المتينة التي بينه وبين الروح، فإذا مرض الجسم اضطربت الروح.
س:
أأنت إذن على يقين تام من أن حالة الجسم تؤثر في حالة الروح؟
ج:
نعم؛ لأني أذكر عندما مرضت في العام الماضي أنني كنت غير قادر على العمل، ولم أكن ذلك الطفل الذي كنت أعهده قبل المرض.
س:
كيف تشعر أنك في صحة جيدة؟
ج:
أشعر أنني في صحة جيدة كلما وجدت نفسي مسرورا، نشطا، تنبعث في قابلية القيام بالواجب.
س:
كيف تحافظ على صحة جسمك؟
ج:
أحافظ على صحة جسمي بتعهده كل يوم بالنظافة والاعتناء ومعالجة تمرينه في الهواء الطلق، وباجتناب الإفراط في كل شيء، وخصوصا اجتناب المحرمات، والاختصار أحافظ على جسمي باتباع قانون الصحة.
س:
أيحتاج الجسم إلى كل هذه العناية؟
ج:
نعم، فإنه آلة عجيبة التركيب، دقيقة الصنع، لطيفة المزاج.
الفصل الرابع
كيف تكون رجلا فاضلا؟
س:
لقد قلت إنك تود أن تكون رجلا فاضلا، فكيف تستطيع ذلك؟
ج:
أستطيع ذلك:
أولا:
أنمي وأغذي قوى النفس؛ أعني أنني أجاهد في توسيع مدارك الذكاء، والإحساس والإرادة.
ثانيا:
أقوي في نفسي صفاتها التي تتجمل بها، وأسعى وراء ما أجده فيها من النقص حتى تشرف على الكمال.
ثالثا:
أعالج وأداوي كل ما أراه في نفسي من العيوب، وأروض نفسي على مخالفة الهوى .
رابعا:
أعود نفسي حب الفضائل وتنمية قوى النفس.
س:
كيف تنمي ذكاءك؟
ج:
أنمي ذكائي أولا بالاجتهاد في المدرسة. ثانيا: بصحبة المتعلمين والتحدث إليهم. ثالثا: بقراءة الكتب النافعة، حتى أشعر أنني في يومي خير مني في أمسي.
س:
كيف تنمي شعورك؟
ج:
أنمي شعوري بأن أهتم بكل ما يقع حولي لا أقتصر في ذلك على ما يقع لي، بل أتناول كل ما يقع لأصحابي؛ فأفرح لفرحهم وأحزن لحزنهم، وأعينهم بالنصيحة والعطف وكل ما تصل إليه طاقتي، وأنمي أيضا شعوري بإرسال نفسي على سجيتها تستحسن كل ما هو جميل من صنع الطبيعة وعظيم من صنع الإنسان.
س:
كيف تنمي إرادتك؟
ج:
أنمي إرادتي بأن أضع لي في كل صباح خطة لا أنحرف عن صراطها.
وأقول لنفسي دائما: إني أريد أن أكون تلميذا مجتهدا وولدا بارا، ووطنيا نافعا، ورجلا كاملا.
الفصل الخامس
الصفات التي يجب أن يتحلى بها الإنسان
س:
ما هي الصفات التي يجب أن تتحلى بها؟
ج:
يجب أن آخذ نفسي بأن تكون متحلية بالسجايا المميزة للعقل، والقلب، والخلق.
س:
ما هي سجايا العقل التي يجب أن تتحلى بها؟
ج:
إن سجايا العقل التي أتمنى أن أصحبها هي: مرونة الطبع، والتمييز بين الأشياء، والحكم عليها، والحكمة، والاعتدال في الرغبات، وروح العدل، والتبصر في العواقب، والنظام، والدقة، وبديهة الابتداء، وهي أن تبتكر الشيء وأن تبتدئ فيه.
س:
كيف تكون مرن الطبع أو لين العريكة؟
ج:
أكون لين الطبع إذا أخذت بنصيحة العقلاء راضيا غير كاره.
س:
كيف تقيم الدليل على التمييز بين الأشياء والحكم عليها؟
ج:
أقيم الدليل على ذلك بأن أقدر الرجال حق أقدارها، وأقوم الأشياء حق قيمها، وبالتفريق من طريق اليقين بين الحق والباطل، والطيب والخبيث.
س:
كيف تقيم الدليل على الحكمة والتعقل؟
ج:
أقيم الدليل على التعقل بمقاومتي كل قبيح من الأمثلة، وطرحي كل ضار من النصائح.
س:
كيف تقيم الدليل على الاعتدال في الرغبات؟
ج:
أقيم الدليل على الاعتدال في الرغبات إذا غبطت نفسي بما أمتلك، ولم أتطلع إلى ما في أيدي الغير.
س:
كيف تقيم الدليل على روح العدل؟
ج:
أقيم الدليل على روح العدل إذا وفيت كل إنسان حقه، وقمت بما يجب له من توقير وثناء.
س:
ألا يتناول روح العدل غير الأفراد؟
ج:
بلى، فإنه يتناول الجماعة؛ لأن الناس كلهم إخوان، عليهم الواجب المحتم في عمل الخير المطلق، وعليهم أن يعملوا بقدر الممكن على التسوية بينهم، فلا بدع إذا سمينا روح العدل بين الناس بالتضامن.
س:
متى يسمى المرء بصيرا بالعواقب متداركا للأمور قبل وقوعها؟
ج:
يسمى المرء بصيرا بالعواقب إذا اقتصد جزءا من كسبه في كل يوم وأودعه صندوق التوفير على نظام تام، وكان من ذلك عضوا في جمعية من جمعيات التعاون، ثم هيأ لأيام شيخوخته ما يقوم فيها بأوده.
1
س:
كيف يكون النظام؟
ج:
يكون النظام في وضع الأشياء في مواضعها.
س:
كيف تكون المحافظة على المواعيد أو الدقة في الأمور؟
ج:
تكون في مباشرة العمل في وقته وإتيان الموعد في حينه.
س:
ألم تكن تلك الصفات التي ذكرتها من أصل واحد؟
ج:
بلى، فإن مصدر جميعها الإدراك، وهو العقل المميز للرجل.
الفصل السادس
سجايا القلب وصفاته
س:
ما هي سجايا القلب التي تود أن تتحلى بها؟
ج:
إن السجايا القلبية التي أود أن أتحلى بها هي: الرحمة البنوية، وحب الأسرة، وحب الأقران والنظائر، وحب الوطن، والولاء، والرأفة، والإخلاص.
س:
ما هو مظهر الشفقة البنوية؟
ج:
مظهرها العطف على الوالدين واحترامهما والعناية بهما في أيام الشيخوخة.
س:
ما هو مظهر حب الأسرة؟
ج:
مظهره الاحترام الممزوج بالعطف لجميع الأقارب والأسلاف، أو في الرابطة المتينة بين الإخوة والأخوات، وفي تبادل المعاونة والمساعدة في وقت الحاجات، فالأسرة المرتبط بعضها ببعض تكون في مأمن من غوائل القدر.
س:
ما هو مظهر حب الأقران والنظراء؟
ج:
مظهره في أيام الدراسة في حسن الصحبة، والمعاشرة، ومظهره بعد ذلك في مشاطرتهم أفراحهم وأحزانهم، وفي المبادرة إلى إعانتهم، حب النظراء خليق بأن يسمى بالإحسان.
س:
ما هو مظهر حب الوطن؟
ج:
مظهر حب الوطن في الطفل أن يتعلم حتى يصير وطنيا نافعا، وجنديا باسلا، ومظهره في الرجل أن يخدم بلده، ولو كان في سبيل خدمته ذهاب حياته، فالوطن هو الأم.
س:
ما هو الولاء؟ وما هو الانتماء؟
ج:
هو أن يذكر المرء بخير كل من أسدى إليه نعمة أو أولاه جميلا، فأنا أحفظ الولاء لأقاربي وأساتذتي وكل من يصنع معي الجميل؛ فلا محل لنكران الجميع في القلب الطيب والسريرة الصافية.
س:
ما هو روح الخير؟
ج:
هو تلك العاطفة الشريفة التي تسوقنا إلى عمل الخير لكل إنسان، فصديقي فلان هو من الخيرين؛ لأنه يثني دائما على أقرانه، ويبادر إلى خدمتهم، فإن روح الشر يسمم الحياة ويقتل روح المحبة.
س:
ما هي الشفقة أو المحبة؟
ج:
هي ذلك الأثر الذي نشعر به في نفوسنا عند نزول المصاب بغيرنا، وتلك الرغبة التي نجدها في المبادرة إلى مساعدتهم وإسعافهم، فالرأفة هي الزهرة التي تعطر النفس، والرأفة التي لا تتحرك في النفس هي بمثابة الزهرة التي لا ثمر لها.
س:
ما هو التفاني في الإخلاص أو بذل الذات؟
ج:
التفاني في الإخلاص هو الحب الذي يمتزج بنفوسنا لأقاربنا، ونظرائنا، وأوطاننا، ولكل ما هو حق وعدل، وهو الحب الذي يدفعنا حتى إلى تضحية النفوس.
ومثل ذلك أن خالتي وقفت حياتها على خدمة جدي العاجز، فهي إذن مخلصة، باذلة لذاتها، وجارنا فلان، تعقب كلبا كلبا
1
حتى قتله وعرض بذلك حياته للخطر، فهو إذن مخلص باذل لذاته. والفارس (أساس) نجى الجيش الفرنساوي بتضحية حياته، فهو إذن مخلص باذل لذاته، والمجد الأثيل يكون في بذل الذات لكل عمل نبيل.
س:
كيف تكون متواضعا؟
ج:
أكون متواضعا إذا أنا لم أبالغ في تقدير مواهبي الضعيفة وكنت مجتهدا في تعظيم مواهب الغير وتكبيرها.
س:
كيف تكون رحيما؟
ج:
أكون رحيما إذا نسيت عيوب الغير وهفواته، ولم أفكر في غير صفاتهم الحميدة وأعمالهم الجليلة.
س:
كيف تكون متساهلا؟
ج:
أكون متساهلا إذا عرفت لغيري حق التفكير والإرادة، كما أعرفه لنفسي .
س:
كيف تكون محترما للغير موقرا له؟
ج:
أكون محترما (دون أن أنزل بنفسي إلى منزلة الذل والعبودية) إذا أنا عرفت حق الإجلال والإكبار لكل من فاتني في السن، وفاقني في العلم والعقل.
س:
كيف تعلم أنك رقيق الشعور؟
ج:
أعلم أني رقيق الشعور لأني أشاطر الناس في أفراحهم وأحزانهم، ولأني أشعر بهزة في النفس وحركة في العواطف كلما شهدت منظرا جميلا، أو رأيت عملا جليلا.
س:
أترى تكون هذه الصفات القلبية من أصل واحد؟
ج:
نعم، إنها من أصل واحد، وهو ذلك الشعور، ويمكننا التعبير عنها بكلمة واحدة، وهي الطيبة، كن طيبا، فإن الطيبة تتناول جميع الفضائل. كذلك قال فيكتور هيجو.
2
الفصل السابع
سجايا الطبائع أو شمائلها وصفاتهما
س:
ما هي سجايا الطبائع التي تود أن تتحلى بها؟
ج:
سجايا الطبائع التي أود أن أتحلى بها هي: الحزم، الاستقامة، النبل، الاستقلال، الأمانة، الحرية، الشجاعة، الثبات، الحكم على العواطف، العزم، الإقدام، المثابرة على العمل، الصبر، التصلب، الخضوع أو الاسترسال، الذمة، الاعتدال.
س:
كيف يكون الرجل؟
ج:
يكون الرجل حازما ومستقيما إذا لم يصده شيء عن طريق الشرف والفضيلة.
س:
كيف يكون الرجل نبيلا؟
ج:
يكون الرجل نبيلا إذا كان مرمى عقله وقلبه لا ينزل إلى مستوى مرامي العامة، وكان مع ذلك يصفح عن الإساءة.
س:
من هو الرجل المستقل؟
ج:
الرجل المستقل هو الذي يصنع ما يعتقد أنه خير وعدل، ولا يبالي كلام غيره.
س:
كيف يكون الرجل صادقا أمينا؟
ج:
يكون الرجل صادقا أمينا إذا وفى بوعده، ولم يخفر ذمة عهده مهما جشمه ذلك من المشاق.
س:
كيف يكون الرجل شجاعا؟
ج:
يكون الرجل شجاعا إذا كان لا يحجم أمام الصعوبات عند تأدية الواجب، ولا أمام الهلاك عند إنقاذ حياة الغير.
س:
كيف يكون الرجل ثابتا؟
ج:
يكون الرجل ثابتا إذا كان لا يضطرب أمام الخطر، ولا يجزع في مواطن الهلاك.
س:
كيف يكون الرجل مالكا لزمام عواطفه؟
ج:
يكون الرجل مالكا لزمام عواطفه إذا لم ينزل به الجدال إلى مرتبة الفحش في القول أو الطيش في العمل.
س:
كيف يكون المرء مقداما؟
ج:
يكون المرء مقداما إذا انبرى لخدمة ما يعتقد أنه خير ونافع، بهمة تفوق الهمم.
س:
كيف يكون المرء مثابرا؟
ج:
يكون المرء مثابرا إذا اختاط له خطة وسعى وراء تحقيقها رغم ما يلاقيه من الصعوبات.
س:
كيف يكون المرء صبورا؟
ج:
يكون المرء صبورا إذا راض نفسه على تحمل الألم والمكاره بلا شكوى، ولا ثورة في النفس.
س:
كيف يكون المرء مستسلما؟
ج:
يكون المرء مستسلما إذا قابل القضاء بالرضاء.
س:
كيف يكون المرء صاحب ذمة؟
ج:
يكون المرء صاحب ذمة إذا استخدم مواهبه من فطنة وذكاء، وقواه من حمية ونشاط، وصفاته من صدق وأمانة، في إتقان كل ما يعهد إليه من الأعمال.
س:
كيف يكون المرء معتدلا؟
ج:
يكون المرء معتدلا إذا قنع من المشرب بما ينقع الغليل، ومن المأكل بما يحفظ الرمق.
س:
ألا تشتق سجايا الطبائع المذكورة من أصل واحد؟
ج:
بلى، تشتق هذه السجايا من أصل واحد وهو: الإرادة.
س:
إلى أي السجايا تميل بطبعك: سجايا العقل، أم سجايا القلب، أم سجايا الطبائع؟
ج:
إني أراني أميل بطبعي إلى اختيار سجايا القلب؛ لأن بها تسعد نفوسنا، وبها نسعد نفوس الغير.
الفصل الثامن
صفات خصوصية في أحوال مختلفة
س:
ما هي الصفات التي تبني التلميذ الناجح؟
ج:
الصفات التي تؤهل التلميذ لأن يكون ناجحا ومحمودا هي: أن يكون طائعا، وأن يكون محترما لأستاذه مخلصا له، وأن ينكب على العمل باجتهاد، وأن يعلم أن التعليم هو أساس التقدم المادي والأدبي.
س:
ما هي الصفات التي تبني الطفل البار؟
ج:
أن يحب والديه، وأن يحترمهما ويثق بهما ويأخذ بنصيحتهما، ولهما عليه حق الشكر على كل ما يسديان إليه من الجميل، حتى إذا أدركتهما الشيخوخة وبلغا الكبر حاطهما بعنايته ووقف نفسه على خدمتهما.
س:
ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها طالب الصنعة؟
ج:
هي أن يكون دقيقا صالحا، ظريف الطبع، وأن يأخذ بنصائح معلمه ويبالغ في إتقان حرفته، ويتجنب قرناء السوء.
س:
ما هي الصفات التي تكون العامل المجد؟
ج:
هي أن يجعل الذمة نصب عينيه في جميع أعماله، وأن يحب حرفته ويبذل جهده في السير بها إلى الكمال، وألا يتخذ له في كل يوم معلما جديدا، أو يختلف
1
إلى الحانات.
س:
ما هي الصفات التي تكون الجندي الشريف؟
ج:
هي أن يدقق في القيام بواجب الخدمة العسكرية، وأن لا يخفض بصره وهو في لباسه الرسمي، وأن لا يشهد موقعة إلا خرج منها متحليا برتبة متجملا بوسام، وأن يعيش ما عاش محافظا على ناموس شرفه وصيانة وطنه.
س:
ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها صاحب المصنع؟
ج:
هي أن يعدل بين عماله، وأن يحسن معاملتهم، ويعينهم على العيش في فترات العطلة الوقتية وأيام المرض.
س:
ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها التاجر الموفق؟
ج:
هي أن يكون صالحا شريفا، فلا يشتط
2
في الثمن، ولا يغش الناس في بضاعته، فإذا أضاف إلى ذلك بشاشة اللقاء والدقة في العمل، واستولى على حانوته النظام وحسن التنسيق، ولزمت الدقة حساباته؛ كان خليقا بالنجاح في عمله.
س:
ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها رب الأسرة؟
ج:
هي أن يحب زوجته وأن يحترمها، وأن يحب أولاده وينبتهم نباتا حسنا بفضل العضد الوحيد والقدوة الحسنة.
س:
ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها الوطني الصادق؟
ج:
هي أن يكون أقصى همه السعي وراء ما يرفع قدر بلاده وينمي ثروتها ويزيد في سعادتها، وأن لا يفرط في حق التصويت،
3
وأن لا يتوانى عن دفع الضرائب، وأن يعلم أن ما يعمل لم يكن من قبيل الحقوق التي يطالب بها، ولكنه من قبيل الواجب الذي يجب عليه أن يؤديه.
الفصل التاسع
النقائص التي يجب اجتنابها
س:
ماذا ترى في الرجل السكير؟
ج:
أرى أني أمقته؛ لأنه يعمل على تسميم نفسه، وسوء مصيره، وهو يجهل ماذا يعمل.
وأرى أنه مسيء إلى نفسه، جان عليها؛ لأنه يطرح عنها رداء الشرف.
وأراه جانيا على أسرته؛ لأنه يحرمها من ضروريات القوت ليرضي شهواته.
س:
ماذا ترى في الرجل الذي يملك الغضب عنانه؟
ج:
إني أرى الرجل الذي لا يملك أمر نفسه ويكبح جماح غضبه، يتعرض لركوب الزلل، حتى إذا ثاب إلى رشده حل منه الندم محل الغضب.
س:
ماذا ترى في الرجل الذي يضرب زوجته؟
ج:
أرى أنه يفعل فعل الجبان؛ لأنه يهاجم من هو أضعف منه حولا.
إن عمله ممقوت؛ لأنه يقصر في واجب الاحترام لرفيقة حياته، وأم أولاده.
س:
ماذا ترى في الرجل الذي لا يحسن معاملة أولاده؟
ج:
أرى أنه يقصر في واجب الإصلاح، وينزع من نفوس أولاده احترامهم لذاته وميلهم إليه، ويغرس فيها مكان ذلك خوفهم منه، فإذا أطاعوه: أطاعوه رهبة لا رغبة.
س:
ماذا ترى في السائق الذي لا يرفق بخيوله؟
ج:
أرى أنه يفعل فعل الجبان؛ لأنه يضرب حيوانا لا يملك أمر الدفاع عن نفسه، وأرى أنه فوق ذلك يبالغ في نكران الجميل؛ لأنه يتناسى الأعمال الجليلة التي تقوم بها خيوله في كل يوم: إن الذي يكون فظا غليظ القلب مع الحيوانات لا يبعد أن يكون كذلك مع الناس.
س:
ماذا تصنع إذا نزلت برأسك فكرة البغض أو زار صدرك ضيف الحقد؟
ج:
أجلس إلى نفسي وأناديها أيتها النفس، إن الناس قد خلقوا إخوانا فيجب عليهم أن يتحابوا. وأقول لها: إن لك من الذنوب ما تحتاجين معه إلى طلب الصفح عنه، فيجب عليك أن تتعودي الصفح عن غيرك.
فلتخط السيئات على الرمال، ولتنقش الحسنات على الصخور.
س:
كيف يكون المرء متسامحا؟
ج:
يكون متسامحا إذا تحمل في الجدال غضاضة المعارضة، وخصوصا إذا كان محور الجدال يدور على السياسة والدين.
فإنا ننشد
1
الحرية لأنفسنا، فلماذا لا نترك لغيرنا حق التمتع بها؟
س:
ماذا تصنع إذا خطر بك خاطر الغيرة أو الحسد؟
ج:
أقول بيني وبين نفسي: إن الغيرة أو الحسد خلقان ذميمان يصدران عن حب الأثرة وغلظ القلب.
على أني كلما أحسست بنزوة من نزوات الحسد تلفت حولي، وقلت لنفسي: إني أراني بحمد الله في حالة يتمناها الكثير.
س:
كيف يكون المرء محبا لذاته (أو صاحب أثرة)؟
ج:
إن المحب لذاته هو الذي لا تتأثر نفسه ولا تتحرك عواطفه لمصاب غيره، فتراه يبالغ في العزلة والهروب من المجتمعات النبيلة المقصد كجمعيات التعاون والجمعيات الخيرية.
س:
متى يكون المرء ناكرا للجميل كافرا بالنعمة؟
ج:
يكون المرء ناكرا للجميل إذا نسي أو تناسى مصادر المعروف.
ويكون الطفل ناكرا للجميل إذا سخر لسوء سلوكه من عناية أقاربه ونصائح معلميه. فناكر الجميل على كل حال هو ذلك الذي لا يقابل الإحسان بمثله، فما عسى أن تسمي من يقابل الإحسان بالسيئة؟
س:
ماذا ترى في الكذب؟
ج:
أرى أنه رأس النقائص التي يجب أن نفر منها. من كذب فقد غش. من كذب فقد جبن. من كذب فقد انتقص كرامة النفس البشرية.
س:
ماذا تصنع إذا اتفق لك أنك كذبت مرة؟
ج:
إذا اتفق لي ذلك أبادر إلى لقاء من غششته بالكذب، وأنفض إليه جملة الأمر على حقيقتها مهما كانت المغبة.
2
س:
ماذا ترى في النفاق؟
ج:
أرى أنه أقبح ضروب الكذب؛ لأن المنافق المداجي يبلغ من الكيد للناس ما لا يبلغه الكذوب، ويخفي خلف ستار الفضيلة ما يخفي من سوء المقصد حتى ينخدع به من يحدثه.
س:
متى يكون المرء جبانا؟
ج:
يكون المرء جبانا إذا هاجم من هو أضعف منه حولا، وتقهقر أمام الأخطار عند تأدية الواجب، وفر من المسئولية وصاح به صائح الرغبة أو الرهبة، فتخون من كان له مؤتمنا.
س:
متى يكون المرء متكبرا؟
ج:
يكون المرء متكبرا إذا بالغ في تقدير قيمة نفسه، وثروته، ومركزه، فرأى في نفسه ما لا يراه غيره فيها حتى يسوقه ذلك إلى احتقار الناس ... فالمتكبرون ينسون أن الفضيلة وحدها هي التي تقوم بأقدار الرجال، ويجهلون أن التواضع أحد أركان الفضيلة.
س:
ماذا ترى في الطمع؟
ج:
أرى أن الطمع خلة
3
محمودة إذا رمى به صاحبه إلى غاية حميدة من تكميله نفسه أو تحسين حاله، ولكنه يخرج بصاحبه عن دائرة الحمد إذا نزع به إلى طلاب ما يصعب تحققه، فساقه ذلك إلى استعمال الوسائط المذمومة التي يزعم أنها تقف به على نيل مآربه.
س:
ماذا ترى في الرجل البخيل؟
ج:
أرى أنه يحرم نفسه ليجمع مالا لا ينتفع به فهو إذن تعس وأحمق، فإن الذي يجمع المال ولا ينفقه في وجوه البر خليق أن يكون محبا لذاته جانيا على نفسه، فلا قيمة للمال المحبوس.
س:
ماذا ترى في العامل الذي لا يبالي الذمة في عمله؟
ج:
أرى أنه ينتقص الأمانة والشرف، فإن من أخذ على نفسه القيام بعمل ما، لأجر ما، كان خليقا أن يكون مطالبا بإتقان ذلك العمل كما لو كان يعمل لنفسه.
س:
ماذا ترى في رب المصنع الذي لا يؤجر عماله حق الأجر؟
ج:
أرى أنه يعق الشرف والاستقامة؛ لأن من أتقن عمله كان خليقا أن يوفى قسطه
4
من الأجر.
س:
ماذا ترى في التاجر يغش عماله؟
ج:
أرى أنه يرتكب سرقة؛ لأنهم يخلصون له في العمل، ولا يخلص لهم في الأجر.
س:
ماذا ترى فيمن يسرق المكوس؟
5
ج:
أرى أنه يسرق المجتمع البشري، وعندي أن سارق الجماعة شر من سارق الفرد.
س:
ماذا ترى في الرجل الذي لا يفي بوعده؟
ج:
أرى أنه يعق الشرف وينصر الجبن، فكلمة الحر دين.
س:
ماذا ترى فيمن ينتقد كل شيء ويعترض على كل شيء؟
ج:
أرى أنه في ضلال، فإن من الأعمال البشرية ما هو محمود ونافع، فلطالما كان رقيق الشعور قليل الراحة، فإنك لا تكاد تجد ما يرضيه.
س:
ماذا ترى فيمن لا يرى السرور في شيء من الأشياء؟
ج:
إني أرى في نفسه حزنا كامنا، وسبيله في ذلك أن ينظر الشيء من وجهه السار، ويغض طرفه عن الوجه الآخر.
الفصل العاشر
حكم العادة أو تأثيرها
س:
ما هو حكم العادة؟
ج:
حكم العادة هو الذي يسهل علينا تنجيز الأعمال، والعادة وحدها هي التي تؤثر في حياتنا الأثرين من طيب وخبيث؛ وعلى ذلك فقد تعين علينا الأخذ بخير العادات وأشرفها.
س:
كيف يعد المرء نفسه لأن يكون مكذبانا؟
1
ج:
إذا استهان المرء بالكذب في الأمر الصغير لا يلبث أن يرى لسانه منطلقا بالكذب في كل شيء، فيكذب لوجه الكذب، وينتهي بانتقاص كرامته، وعدم تصديق الناس لكل ما يقول، فعلينا إذن بالصدق!
س:
كيف يستسلم المرء للكسل؟
ج:
أعرف رفيقا لي كان لا يحب العمل في أيام الدراسة، فلما شب والتمس وجوه الرزق لم يجد نفسه قادرا على اكتساب قوته، وها هو اليوم عالة على غيره ويا ويله من أيام شيخوخته، فعلينا أن نعود نفوسنا حب العمل المنظم.
س:
كيف يكون المرء ناقص التربية؟
ج:
إني أعرف رفيقا لي في المدرسة كان لا يفتح فاه إلا بشتم أو بقذف، وقد أضاف إلى ذلك غلظ القلب، وخشونة الطبع فلم يزل به سوء خلقه حتى جره إلى نفور الناس منه واجتنابهم طريقه، فعلينا أن نعود نفوسنا الأدب وأن نروضها على الأخلاق المطمئنة.
س:
كيف يعود المرء نفسه أن لا يراعي الذمة في كل ما يعهد إليه من العمل؟
ج:
أعرف رفيقا لي في المدرسة كان لا يبالي الذمة في عمله، ولا أظنه إذا شب أن ينزع عن هذا الخلق، فهو لا يصلح أن يكون ربا لمصنع أو حانوت، ولا تلبث تلك العادة أن تذهب بملكة الصلاح فيه، فيصبح رجلا مسلوب الشرف منزوع الأمانة، فيجب علينا أن نجعل الذمة نصب أعيننا في كل أعمالنا.
س:
كيف يتعودون إهمال النظام في الحياة؟
ج:
أعرف رفيقا لي في المدرسة مولعا بوضع الأشياء في غير مواضعها، فترى قمطره في حالة من الفوضى لا يشبهها غير عقله وحياته، فما أظن أنه يخضع في يوم من الأيام لقانون النظام، فلنرض أنفسنا في مدة الدراسة على نظام تام.
س:
كيف يقع المرء في التبذير والإسراف؟
ج:
أعرف رفيقا في المدرسة لا تكاد تصل يده إلى قرش حتى يبادر إلى تبديده، فلا يعرف طريق صندوق التوفير، ولا يدرك للمال قيمة، فهو يبعثره هنا وهناك في غير وجوهه، فلا أظنه يخرج عن طباعه التي لا تلبث أن ترمي به في أحضان الحيرة والضيق، فعلينا أن نعود أنفسنا الاقتصاد.
س:
كيف يكون الرجل شكس الطباع غليظ القلب؟
ج:
أعرف رفيقا لي في المدرسة لا تفتأ يده مشروعة لضرب غيره، ولا أحسبه إن دام على ذلك إلا سيعتاد الشراسة وسوء الخلق في الدار، في الطريق، في الحانوت.
فلنعود أنفسنا اللطف ومرونة الطبع.
س:
كيف يقع المرء في نقيصة الغيبة والنميمة؟
ج:
أعرف رفيقا لي في المدرسة لا يكاد يقع أمامه أحد في هفوة إلا بادر بنشرها بين الناس؛ فلا يفلت منه شهرة بدون أن ينتقصها، ولا شرفا بدون أن يهدمه، ولا يلبث الناس إن دام على ذلك أن يسموه بناهش الأعراض، ويتحاموا صحبته، فلا يجد له من يتخذه صديقا.
الفصل الحادي عشر
الغرض من الحياة
س:
ما هو الغرض من الحياة؟
ج:
الغرض من الحياة أن يتقلب الحي في أحوال جميلة، فيكون يومه أرفه منه حالا في أمسه، ويقترب من السعادة ما وجد إلى ذلك سبيلا.
س:
أين تجد السعادة؟
ج:
أجد السعادة في تأدية الواجب، في حب العمل، في حب الأسرة، في حب الوطن والأقران، في التأمل في عجائب الطبيعة، في استحسان جلائل الأعمال من العلم والأدب والصناعة.
س:
أرني كيف تجد السعادة في تأدية الواجب؟
ج:
رفيقي فلان يستحق غالبا أن يكون الأول في فرقته؛ وذلك لنشاطه وحسن سلوكه؛ فهو إذن سعيد. ابن عمي ذلك الجندي الشريف أراه لم يعاقب مرة في حياته، وهو يحب حرفته، ويسترعي التفات رؤسائه؛ فهو إذن سعيد.
وأنت أيها الأستاذ أراك تكد نفسك وتتعبها في تعليمنا وترفيه حالنا، فنجاحنا وحسن سلوكنا يجعلانك سعيدا. وكذلك أنا: فإني كلما قمت بالواجب شعرت بنوع من السرور والارتياح ينبعث من سريرتي، فأعلم في تلك الفترة أني سعيد؛ فلذلك أرى السعادة في تأدية الواجب.
س:
أرني كيف تجد السعادة في حب العمل؟
ج:
إن جارنا ذلك البيطار
1
النشيط، لا أفتأ أسمع رنين سنداله من الصبح إلى المساء، ومع ذلك فداره مهبط الهناء، وحديقته مثال الاعتناء، وما رؤي في حانوت خمر قط، ولا قابل الناس بغير البشاشة، وكم سمعته يغني وما أظنه يعرف السأم؛ ولذلك تراه ينتظر أيام الكبر رضي البال، ويستقبلها مثلوج الصدر ساكن الخاطر.
س:
أرني كيف تجد السعادة في حب الأسرة؟
ج:
إني أعرف أسرة من الأسر قد ساكنتها السعادة، وصاحبها الهناء، وذلك بفضل تربية الأولاد فيها، وحسن عناية الوالدين، فإن جميع أولاد هذه الأسرة يعيشون في قرية واحدة، ويتعاونون فيما بينهم، ولا يقصرون في العطف على أقاربهم واحترامهم، ولقد رأيتهم مرة قد دخلوا جميعا إلى منزل جدهم، وكان ذلك في يوم عيده، وفي يد كل منهم طاقة
2
من الزهر، ولما حان وقت الغداء التفوا حول مائدة خفيفة المئونة، وقد أشرقت أسارير وجوههم فما أسعدني إذا وفقت إلى بناء أسرة كهذه الأسرة.
س:
أرني كيف تجد السعادة في حب الوطن؟
ج:
إني كلما فكرت في أنه سيجيء يوم أقوم فيه بواجب الوطن والذود عنه، امتلأت نفسي غبطة وسرورا.
س:
أرني كيف تجد السعادة في حب أمثالك؟
ج:
في قريتي رجل وقف حياته على فعل الخير ومواساة الناس، فما طرق بابه طارق ورد بالخيبة، فهو يبالغ في محاسنة الناس ومناصحتهم ومعاونتهم، وهو يجد في خدمة الصالح العام فتراه عضوا في كل جمعية خيرية، وكم زار مدرستنا فكان موضع احترام الكبير والصغير، ذلك هو الرجل السعيد، وإني لأرجو أن أوفق إلى أن أفعل فعله، وأحذو حذوه حتى أصبح سعيدا مثله.
س:
أرني كيف تجد السعادة في التأمل في عجائب الطبيعة؟
ج:
أشعر بالسعادة كلما مر بي يوم صحو: تشرق شمسه الزاهية في سمائه الصافية، وكلما سمعت تغريد الطيور، أو رأيت الزرع مستويا على سوقه وقد أخرج شطأه، أو شهدت الأزهار وقد ابتسمت بين الحشائش، كذلك كلما مر بي مساء رصعت سماؤه بالكواكب، فأنعمت في التأمل فيها، وأرى السعادة كل السعادة إذا رجعت إلى نفسي، وتأملت في صنع جسمي البديع، ولطف تلك الروح العلوية، فلا أكاد أمر بمنظر من تلك المناظر حتى أقف أمامه لمحة أحس فيها بالسعادة.
س:
كيف تجد السعادة في براعة الأدب، ودقائق الصناعة، وعجائب العلم؟
ج:
إن كل ما يرفع النفس ويهذبها يسبب سرورا داخليا فيها، وهذا السرور مصدره السعادة، وإنهم ليشعرون به كلما قرءوا كتابا بليغا، أو شهدوا بناء عجيبا، أو تمثالا بديعا، أو رسما متقنا، وكلما سمعوا غناء الموسيقى، أو نظروا عجائب الاختراع، التي تظهرها قدرة العلم.
أما أنا فإني سأرصد وقتا من أوقات فراغي لإتمام علمي وتثقيف ذهني.
س:
كيف تهيئ نفسك لأن تكون سعيدا؟
ج:
ألا أفعل ما أخجل من فعله، وأن أربأ بنفسي عن مواقف الاعتذار، وأن أنتزع من نفسي عوامل الحقد، والانتقام، وأن أرضى بقسمتي من حظي، وأن أكون قاسيا على نفسي رحيما بغيري، وأن لا أستكين للمصائب ولا ألين لصعوبات الحياة، وأن لا أحسد غيري على سعادته، وأن أكون في كل حال متساهلا عادلا موفقا صادقا، وألا أتعرض لكل ضار بصحتي.
س:
ما هي إذن قواعد الحياة الأساسية؟
ج:
أن تكون طيبا، وعادلا، وأن تحب الحقيقة: ذلك هو ناموس الحياة.
Shafi da ba'a sani ba