18

Study of the Science of Religions - Its Importance and Researchers' Approaches -

دراسة علم الأديان - أهميتها ومناهج الباحثين فيها -

Nau'ikan

المبحث الثاني: أهمية مناهج البحث: إن لمناهج البحث في العلوم أهمية كبرى، إذ هي الطريق الموصل إلى أي علم، فالعلوم متعددة في موضوعاتها، وفي أهدافها وعناصرها، وفي مصادرها، وفي مناهج بحثها، والعلوم لا تعرف بموضوعاتها؛ لأن الموضوعات تساعد على البحث في هذا العلم، أو ذاك، ومثلها الأهداف، وإنما الذي يعين على ذلك هو المنهج الصحيح للبحث. فبقدر ما يكون منهج البحث قويًا قويمًا قائمًا على أساسا منهج سليم، ومناسب للموضوع الذي يبحث فيه، بقدر ما تكون النتائج المتوصل إليها معتبرة من الناحية العلمية (^١). فللمنهج أثره ودوره الكبير في أصالة الفكر وسلامة الأفكار والمعلومات والنظريات والمفاهيم المستنتجة، فما لم يكن منهج البحث والتفكير سليمًا أو موافقًا لاتجاهه، فإن النتائج لن تكون صحيحة ومنسجمة. والباحث بدون منهج يقع في متاهات الفوضى، والاضطراب، والتناقض، وارتباك الآراء والنتائج، ويظل البحث مشوشا، وعقيما، وتكون حصيلته الاستنتاجية متناقضة، بلا وحدة في الاتجاه والنتيجة، فيخسر بذلك كثيرًا من النتائج التي كان بإمكان البحث أن يعطيها لو أنه سار على أصول وأسس منهجية بحثية سليمة، واضحة الأهداف والمعالم، سليمة الرؤى (^٢). ولذا أيضًا كان من الضروري أن يحدد لكل موضوع من موضوعات العلم والمعرفة البشرية منهجه المناسب له، وطريقته الخاصة، فيكون للعلوم الطبيعة منهج معين، وللتاريخ منهج معين ولكل من الفقه والعقائد والرياضيات والفلسفة .. إلخ منهجه الخاص به ضمن إطار منطقي علمي موحد. وذلك أن المنهج يحفظ للعلم نظامه واتساقه (^٣)، فتقدم العلم وتأخره مرتهن بمسألة المنهج، يدور معها وجودًا وعدمًا (^٤). وإذا كان الأمر كذلك، فإنه - أيضًا- من الخطورة بمكان اتخاذ مناهج غير صحيحة، فاتخاذ هذه المناهج كغياب المنهج الصحيح، بل هو أشد خطرًا، فإنه إذا اتخذت أمة من الأمم منهجًا، واعتقدته صحيحًا، والتزمت به، وكان هذا المنهج مضللا ولا يوصل إلى الحقيقة المنشودة والعلم المطلوب، فإن هذه الأمة تكون قد أوقعت نفسها في متاهات وأوهام كبيرة تنحرف بها عن المسار المنشود والغاية المطلوبة (^٥). وأما أهميته في علم العقيدة والأديان على وجه الخصوص، فإنه ينبغي أن يعلم أن مسألة اختيار المنهج، وطريقة الفهم والتفسير العقائدي، ليست قضية ذاتية ترتبط بالميول الشخصية، أو بالتصورات والأهواء الذاتية، بل أن المنهج العقائدي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأصول الشرعية، وبمفاهيم العقل الإيمانية التي تدور حول مركز الانطلاق، وقاعدة الفهم والتفكير (عقيدة التوحيد)، كما يرتبط بموضوع البحث وطبيعته.

(^١) انظر: نظرة عامة في بعض مناهج البحث الإسلامية د/ طه العلواني بحث منشور في مجلة أضواء الشريعة عدد (٨) جمادي الآخرة عام ١٣٩٧ ص ٤٠٠. (^٢) انظر: مناهج البحث في العقيدة الاسلامية في العصر الحاضر: دراسة لمناهج الفكر الاسلامي المعاصر والعناصر المنهجية في دراسة أصول الدين، تأليف عبدالرحمن بن زيد الزنيدي، ص ١٨، دار أشبيليا، ١٤١٦. (^٣) انظر: منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان بن على حسن، ص ١/ ٢١، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الثالثة. (^٤) انظر: منهج البحث العلمي عند العرب د/ جلال موسى ص ٢٧١، منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد ١/ ٢١. (^٥) مناهج البحث في العقيدة للسعيد ص ٢٦٤ - ٢٦٥.

1 / 18