248

Statements of Al-Tahawi in Interpretation: Al-Fatiha - Al-Tawbah

أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة

Nau'ikan

فالله جل وعلا إنما قال لإبراهيم ﵊: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِنْ﴾ [البقرة:٢٦٠]: لكي يظهر إقراره، فلا يظن أحد بعده أنه لم يكن مقرًا بذلك في ذلك الوقت، وقد ظهر إقراره بقدرة الله على إحياء الموتى بقوله في هذه الآية (بلى). وبقوله في الآية المتقدمة في سياق محاجة النمروذ: ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة:٢٥٨] وعليه فلا مجال للقول بشكه بعد ذلك. (^١)
ب- وأما قول الرسول محمد ﷺ: "نحن أحق بالشك من إبراهيم": فلا يصح حمله على ظاهره، وعليه فإن معناه: (إذا لم أشك أنا، ولم أرتب في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، فإبراهيم ﵊ أولى بأن لا يشك فيه، وألا يرتاب). فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم ﵊. والمراد بالشك المنفي: الخواطر التي لا تثبت.
وأما الشك الذي هو بمعنى: التوقف بين أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر. فهذا منفي عن الخليل قطعًا، لأنه يبعد وقوعه ممن رسخ الإيمان في قلبه، فكيف بمن بلغ رتبة النبوة.
القول الثاني: أن إبراهيم ﵊ لم يكن شاكًا في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى.
- وهذا قول: الجمهور. (^٢)
الترجيح: والقول الراجح هو قول الجمهور. وهو أن إبراهيم ﵊ لم يكن شاكًا في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، وإنما طلب المعاينة وأحب رؤية ذلك، كما أن المؤمنين يحبون رؤية الله جلا وعلا، ورؤية الرسل والجنة، مع إيمانهم بكل ذلك، ولا يعد هذا شكًا منهم في ذلك.
ثم اختلف أصحاب هذا القول في السبب الذي جعل إبراهيم ﵊ يسأل ربه أن يريه عيانًا إحياء الموتى، وإليك بيان الأقوال في ذلك:

(^١) تفسير الماوردي (١/ ٣٣٤).
(^٢) فتح الباري (٦/ ٤٧٥).

1 / 248