وبعد لينين جاء ستالين الذي حكم روسيا من عام 1924 إلى 1953، فسيطر طوال هذه المدة على سياسة الكرملين، وتحكم في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وبذلك اتسع له الزمن كما لم يتسع لزعيم أو حاكم غيره لكي يوطد دعائم النظام الجديد في روسيا، ويعمل على نشر المبادئ الشيوعية في أماكن أخرى من العالم.
وإذا كان لينين هو الرسول الذي بشر في روسيا بالدين الجديد، فإن ستالين هو الذي حمل لواء الجهاد الحقيقي لنشر هذا الدين لا في روسيا وحدها، وإنما في خارجها أيضا.
وقد يكون قارئ هذا الكتاب من المعجبين بستالين، وقد يكون ممن يكرهون اسمه، لا شخصه فقط، ولكن هناك شيئا واحدا مؤكدا - كما يقول ديل كارنيجي - وهو أنك لا تستطيع أن تتجاهل ستالين، ولا تستطيع أن تنكر الدور الذي لعبه في تاريخ روسيا، ولا تستطيع أن تنكر عليه إخلاصه طوال حياته لهدف واحد لم يتحول عنه قط، وإن أنكرت عليه الوسائل التي استعملها في سبيل تحقيق هذا الهدف!
ولا يستطيع إنسان أن ينكر أن ستالين كان في يوم من الأيام أقوى رجل في العالم، ولا يستطيع أحد كذلك أن ينكر الدور الهام الذي لعبه في الحرب العالمية الثانية، وما ساهمت به بلاده في سبيل انتصار الديمقراطية على الفاشية. (3) الإله الذي أنكروه
أطلقوا عليه في حياته أسماء كثيرة لا شك أنها ترفعه إلى مقام الآلهة أو الأنبياء؛ فقد قالوا عنه: إنه «أحب البشر»، وإنه «المعلم والأب الحكيم».
ووصفه البعض فقالوا: إنه «أمل العالم ونوره وضميره»، وإنه «مجد كل من ولد بقلب أمين».
وفي السنوات الأخيرة من حياته قلت الإشارة إلى اسمه «ستالين»، اكتفاء بكلمة الرفيق وحدها كما كانت العادة من قبل، وأصبح لزاما أن يضاف إليها كلمة «العظيم»، وأطنبوا في ذلك فقالوا: إنه «شعلة البشرية التقدمية وأملها»، وإنه «صانع الحياة السعيدة»، و«صاحب القلب الحنون»، و«النسر الكبير الذي يعلم النسور الصغيرة كيف تطير».
ولم يقصر الشعراء والأدباء من جانبهم في ذلك الموكب؛ فقال أحدهم: إن الحروف التي يتكون منها اسم ستالين وهي: «س، ت، ا، ل، ي، ن» لا بد لها أن تزهو وتفاخر بين الحروف الأبجدية الأخرى بوصفها الحروف التي تكون منها اسم الزعيم الأكبر!
وقال كاتب آخر: إن صوت ستالين لا يقل تأثيرا في النفوس عن النبيذ المعتق الذي تنتجه سفوح التلال الجنوبية!
وقال شاعر آخر: إن البلابل عندما تغرد فإنها تقول له: «لك المجد! لك المجد أيها البستاني العظيم!»
Shafi da ba'a sani ba