أَيُّهَا الأخوة: السكينة يجعلها الله في القلوب وقت القلاقل أو الفزع أو الاضطراب داخل النفس أو خارجها، فتثبت وتسكن وتطمئن، وهي من نعم الله العظيمة على العباد.
لما فتح النبي ﷺ مكة، سمع أن هوازن اجتمعوا لحربه، فسار إليهم ﷺ في أصحابه الذين فتحوا مكة، وممن أسلم من الطلقاء أهل مكة، فكانوا اثني عشر ألفا، والمشركون أربعة آلاف، فأعجب بعض المسلمين بكثرتهم، وقال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة.
فلما التقوا هم وهوازن، حملوا على المسلمين حملة واحدة، فانهزموا لا يلوي أحد على أحد، ولم يبق مع رسول الله ﷺ إلا نحو مائة رجل، ثبتوا معه، وجعلوا يقاتلون المشركين، وجعل النبي ﷺ، يركض بغلته نحو المشركين ويقول: "أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب".
ولما رأى من المسلمين ما رأى، أمر العباس بن عبد المطلب أن ينادي في الأنصار وبقية المسلمين، وكان رفيع الصوت، فناداهم: يا أصحاب السمرة، يا أهل سورة البقرة.
فلما سمعوا صوته، عطفوا عطفة رجل واحد، فاجتلدوا مع المشركين، فهزم الله المشركين، هزيمة شنيعة، واستولوا على معسكرهم ونسائهم وأموالهم.
وذلك قوله تعالى ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ﴾ وهو اسم للمكان الذي كانت فيه الوقعة بين مكة والطائف.