197

Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan

خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

Nau'ikan

وقد تحسر وتأسف كل من دخل في علم الكلام ممن في قلبه نور وإيمان فالإمام أبو المعالي إمام الحرمين – عليه رحمة الله تعالى – يقول: يا أصحابنا لا تشتغلوا بعلم الكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به، وقال عند موته: لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالوابل لي، وها أنذا أموت على عقيدة أميّ (١) .

(١) انظر ذلك في مجموع الفتاوى: (٤/٧٣)، وشرح الطحاوية: (١٥٨)، وشرح الفقه الأكبر: (٦) وانظر في الكتب الثلاثة من تحسر أيضًا لدخوله في علم الكلام، وإليك عبارة إمام الحرمين في كتابه العقيدة النظامية: (٣٢-٣٣) وهي من آخر ما ألفه ليتضح لك الحق جليًا قال – رحمه الله تعالى – والذي نرتضيه رأيًا وندين الله به عقلا ً اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع وترك الابتداع والدليل السمعي القاطع في ذلك: أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة، وقد درج صحب رسول الله – ﷺ – ورضي الله تعالى عنهم – على ترك التعرض لمعانيها، ودَرْكِ ما فيها، وهم صفوة الإسلام، والمستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يألون جهدًا في ضبط قواعد الملة، والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الآي والظواهر مَسُوغًا ومَحْتُومًا لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، وإذا انصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل كان ذلك قاطعًا بأنه الوجه المتبع، فحق على ذي دين: أن يعتقد تنزه الباري عن صفات المحدثين، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى الرب – ﵎ – أ. هـ.
وهذا الكلام حق، وجِدٌ نفيس، وليته قال به من أول الأمر، فاستراح وأراح – رحمنا الله جميعًا ومَنّ علينا بحسن الخاتمة.

1 / 197