141

Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan

خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

Nau'ikan

والقول بمصير هؤلاء إلى الجنة هو الذي جزم به البخاري كما في فتح الباري، واختاره ابن الجوزي كما في ردء العقل والنقل، قال النووي: وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون (١) . وهذا القول مع وجاهته وقوة دليله ومتانته، فينبغي الجمع بينه وبين القول بامتحان هؤلاء في الدار الآخرة يوم الدين، حسبما دل على ذلك أحاديث خاتم الأنبياء والمرسلين – على نبينا وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم – وسيأتيك بيان وجه الجمع عند ذكر ذلك القول، وهو آخر الأقوال، وما أبدع قول الإمام ابن القيم – عليه رحمة الله تعالى – في هذا المجال، إذ قال: وهذه حجج – كما ترى – قوة وكثرة، ولا سبيل إلى دفعها، وسيأتي – إن شاء الله تعالى – فصل النزاع في هذه المسألة، والقول بموجب هذه الحجج الصحيحة كلها، على أن عاداتنا في مسائل الدين كلها دقها وجلها أن نقول بموجبها، ولا نضرب بعضها ببعض، ولا نتعصب لطائفة على طائفة، بل نوافق كل طائفة على ما معها من الحق، ومخالفها فيما معها من خلاف الحق، لا نستثني من ذلك طائفة ولا مقالة، ونرجو من الله – جل وعلا – أن نحيا على ذلك، ونموت عليه، ونلقى الله به، ولا قوة إلا بالله (٢) . القول الثالث: الحكم عليهم بالنار وبئس القرار، ويدل على هذا أمران: ١- لم يصدر من هؤلاء الإيمان برب العالمين، وهو السبب الذي يتوصل به إلى جنة النعيم، وينجو العبد بواسطته من نار الحميم – ولا يعترض على هذا بأطفال المؤمنين، فتبعيتهم لآبائهم دلت عليها أدلة الشرع المبين، والله يختص برحمته من يشاء، وهو ذو الفضل العظيم.

(١) انظر فتح الباري: (٣/٢٤٦)، وردء تعارض العقل والنقل: (٨/٤٣٥)، وشرح صحيح مسلم: (١٦/٢٠٨) . (٢) انظر كلام ابن القيم في طريق الهجرتين وباب السعادتين: (٥١٦) .

1 / 141