Special Needs in the Light of the Quran and Sunnah
ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة
Nau'ikan
جامعة النجاح الوطنية
كلية الدراسات العليا
ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة
إعداد
صهيب فايز سعيد عزام
إشراف
الدكتور خضر سوندك
قدمت هذه الأطروحة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في أصول الدين بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية، نابلس.
٢٠١٤
المقدمة / 1
ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة
إعداد
صهيب فايز عزام
نوقشت هذه الأطروحة بتاريخ: ١١/ ١٢/٢٠١٤ م، وأجيزت
أعضاء لجنة المناقشة ... التوقيع
١ - الدكتور خضر سوندك ... مشرف ورئيسا
٢ - الدكتور مدين القرم ... ممتحنًا خارجيًا
٣ - الدكتور خالد علوان ... ممتحنًا داخليًا
المقدمة / 2
إهداء
إلى أُمي وأَبي ...
اللذين لهما الفضل بعد الله ﷿
في تربيتي ونجاحي
هما اللذان يُكثِران لي من الدعاء
فَلهُما مني كلَّ الشُكر والثناء
إلى زوجتي ...
والى أبنائنا يحيى وأحمد وبسمله وتسبيح
الذين وقفوا إلى جانبي في مسيرتي التعليمية
إلى كل مسلم ومسلمة
والى ذوي الاحتياجات الخاصة
الباحث
صهيب فايز عزام
المقدمة / 3
شكر وتقدير
الحمد لله رب العالمين، وله الشكر والثناء أن وفقني لإعداد هذه الرسالة وإتمامها، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله الذي دلنا على الخير وأمرنا بإتباعه، وعلمنا أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
وأقدر عاليًا جهود أستاذي الدكتور خضر سوندك، أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية، الذي تفضل بالإشراف على هذه الرسالة، فله مني جزيل الشكر والعرفان على ما قدمه لي من توجيه وإرشاد، لكي تخرج هذه الرسالة في أحسن صورة.
وأتقدم بجزيل شكري وعرفاني إلى السادة أعضاء لجنة المناقشة على تفضلهم بمناقشة هذه الرسالة وهم:
د. خضر سوندك
د. خالد علوان
د. مدين القرم
والشكر موصول لوالدي أطال الله بقائهما ومتعهما متاع الصالحين فلم يفتأى بالدعاء لي آناء الليل وأطراف النهار بالتوفيق والسداد.
وأقدر عاليًا جهود زوجتي الوفية أم يحيى التي وقفت إلى جانبي طوال مسيرتي التعليمية، فكانت عيني التي أبصر بها في دراستي ورسالتي، فلها مني جزيل الشكر والثناء.
كما أتقدم بالشكر لمعلمي مربي الأجيال الأستاذ إبراهيم عبد الكريم (أبو لؤي) الذي تفضل بتدقيق هذه الرسالة لُغَويًا.
كما وأشكر جميع من ساهم في إنجاز وإتمام هذا العمل وأخص بالذكر أخي م. راغب زيد (أبو أحمد) على جهوده، وأسأل الله أن يتقبل هذا العمل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين.
الباحث
صهيب فايز عزام
المقدمة / 4
إقرار
انا الموقع أدناه، مقدم الرسالة التي تحمل العنوان:
ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة
أقر بأن ما اشتملت عليه هذه الرسالة إنما هو نتاج جهدي الخاص، باستثناء ما تمت الإشارة إليه حيثما ورد، وأن هذه الرسالة لم تقدم من قبل لنيل أي درجة أو لقب علمي أو بحثي لدى أي مؤسسة تعليمية أو بحثية أخرى.
Declaration
The work provided in this thesis، unless otherwise referenced، is the researcher's own work، and has not been submitted elsewhere for any other degree or qualification.
اسم الطالب: ... Student's Name:
التوقيع: ... Signature:
التاريخ: ... Date:
المقدمة / 5
ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة
إعداد
صهيب فايز عزام
إشراف
د. خضر سوندك
الملخص
لقد خَلُصَ الباحث إلى أن ذوي الاحتياجات الخاصة، إذا ما قورنوا بغيرهم من أهل العافية، فسيظهر عندهم نقص كلي أو جزئي في أطرافهم، أو عقولهم، أو حواسهم، بسبب عامل وراثي أو بيئي مكتسب، فبذلك تكون لهم قدرات وإمكانات تختلف عن أهل العافية في التعلم والعمل واكتساب المهارات والخبرات، لأنهم يفتقرون الى بعض الاحتياجات، وتتمثل هذه الاحتياجات في برامج أو أجهزة أو تعديلات بيئية.
ومصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة هو أفضل المصطلحات للتعريف بهذه الفئة من الناس، ولقد استخدم القرآن الكريم مصطلحات للدلالة على هذه الفئة، فمنها ما جاء صريحًا فسمي باسمه، ومنها ما جاء كناية وعبر عنه بوصفه.
فالإسلام قد كرم ذوي الاحتياجات الخاصة، ورفع من قدرهم وشأنهم وقدَّم لهم كامل الرعاية، فالقرآن دعا للمساواة بينهم وبين غيرهم من الناس، وجعل التفاضل بناء على التقوى والإيمان، لا على الأشكال والألوان، وبين أن المصيبة في الإيمان أعظم من مصائب الأبدان، وأن ما أصاب ذوي الاحتياجات الخاصة فبقدر الله سبحانه، وبشّرهم لصبرهم على ما أصابهم بالأجر العظيم وبجنات النعيم، ولقد خَلَّد القرآن الكريم مواقف وقصصًا لأنبياء ورسل وصحابة من ذوي الاحتياجات الخاصة، كان لهم دور عظيم في خدمة الدين وتبليغ رسالة رب العالمين، فالقرآن اعتنى بذوي الاحتياجات الخاصة، فدعا لاحترامهم ودمجهم في المجتمع وتلبية مطالبهم والتخفيف عنهم، وأنزل بحقهم قرآنًا يتلى، فنالوا حقوقا كاملة ورعاية حانية، وخلص إلى أن السُنَّة النبوية دعت في أحاديث كثيرة إلى تقدير واحترام ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم العون لهم، فالرحمة بهم سبب لنيل رحمة الله، وهم سبب من أسباب الرزق والنصر، ودعتهم للصبر والرضا لتُرفع درجاتهم، ولينالوا بعد ذلك رحمة الله ويدخلوا الجنة.
وخَلُصَ الباحث إلى أن ذوي الاحتياجات الخاصة، قد نَعِموا في المجتمع الإسلامي بعيشة كريمة، حيث المودة والرحمة والتعاون والإخاء والعدالة والمساواة، كما أن لهم دورًا كبيرًا في نصرة الدين وتقديم الخير لأفراد المسلمين، وخَلُصَ إلى أن ذوي الاحتياجات الخاصة قد تَمَيَّز منهم الكثير
المقدمة / 13
وبرزوا في معظم المجالات، فمنهم القارئ والمفسر والمحدّث والفقيه والشاعر الأديب وغير ذلك. وخَلُصَ إلى عدة نتائج منها:
١ - أن الإسلام دين الرحمة، فبالقرآن والسنة آيات وأحاديث كثيرة تدعو لاحترام ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم كامل الرعاية لهم.
٢ - العناية بالضعفاء وتكريمهم عامل من عوامل الخروج من حالة الوهن التي تعيشها الأمة.
٣ - أن ذوي الاحتياجات الخاصة يمتلكون قدرات وطاقات كامنة تفوق أحيانًا قدرات أهل العافية وهذه القدرات والطاقات لم تستثمر وتوجه في الوقت الحاضر بالشكل الصحيح.
المقدمة / 14
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله مسبب الأسباب وخالق الإنسان من تراب، الحمد لله الحكيم العليم الذي بدأ خلق الإنسان من طين، وصوره وهو في قرار مكين، ونفخ فيه من روحه فكرمه أحسن تكريم، ثم جعل خلقه في أحسن تقويم، الحمد لله الذي جعل التفاضل بين الناس بناء على التقوى والإيمان، لا على الأشكال والألوان، والصلاة والسلام على خير الأنام ... محمد ﵊ وعلى آل بيته الكرام وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
فقد اهتم الإسلام بكل فئات المجتمع، ولا سيما ذوو الاحتياجات الخاصة الذين أولاهم عناية خاصة فحث المسلمين على الرعاية الكاملة لهم، وعليه جاءت الآيات الكريمة في كتاب الله تعالى، والأحاديث النبوية، لتؤكد للجميع أن الله تعالى يحث على نصرة الضعيف وإعانته قدر الاستطاعة، قال تعالى: ﴿لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٩١)﴾ [التوبة: ٩١]
وإن رسول الله ﷺ قد بين أن هؤلاء الضعفاء سببٌ من أسباب النصر والرزق، فعن أبي الدرداء ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (ابغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم). (١)
فلقد بلغت رعاية الإسلام لذوي الاحتياجات الخاصة حدًا بالغًا من السمو والرفعة، ولا أدل على ذلك من قصة الصحابي الجليل ابن أم مكتوم الذي نزلت من أجله آيات كريمة:
﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى (٦)﴾ [عبس: ٦]، ففي هذه الآيات عاتب الله ﷾ نبيه محمدًا ﷺ، وهو أفضل خلقه، والنموذج الفريد في الرحمة والتعاطف والإنسانية، وهي السمات التي أكدها القرآن الكريم بقوله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (١٢٨)﴾ [التوبة: ١٢٨].
ومنذ ذلك التاريخ وتقدير واحترام ذوي الاحتياجات الخاصة توجه إسلامي، وقيمة دينية كبرى حظي في ظلالها هؤلاء الضعفاء بكل مساندة ودعم وتقدير، حتى وصل بعضهم إلى درجات كبيرة من العلم والمجد والنبوغ.
ومن خلال تتبعي لآيات الذكر الحكيم، والأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بهذا الموضوع تبين لي حقائق مهمة، وضوابط للتصورات والقيم لا غنى للمسلم المعاصر عنها، وهو يعيش ويعايش مجتمعا أعمى أنظاره عن مسؤولياته تجاه هذه الفئة من المجتمع.
_________
(١) - أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي، سنن أبي داود، (توفي: ٢٧٥ هـ)،، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت- صيدا، المكتبة العصرية، كتاب الجهاد، باب في الانتصار برذل الخيل والضعفة، ج ٣، ص ٣٢، حديث رقم: ٢٥٩٤، حكم الألباني صحيح.
1 / 1
ودراستي هذه تتركز على الآيات والأحاديث النبوية التي تناولت هذا الموضوع، وعلى سير العظماء من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن ورد ذكرهم في القران والسنة، الذين قهرت همتهم ألم مصابهم، فكانت آثارهم حبرا يكتب به صفحات التاريخ، فسوف أركز على هذه المحاور، من خلال دراستها دراسة موضوعية متأنية ومتعمقة، والإفادة منها في كل المناحي، في التصورات والقيم والسلوك وفي العقيدة والشريعة وفي الحكم والسياسة.
وإني مقر أن هذا الجهد الذي قمت به هو جهد المُقِل، ولكنها محاولة للوقوف والتأمل والتدبر والاستنباط، فإن كان صوابا فمن الله تعالى فله الحمد والمنة، وإن كان الثاني فمني، ومن الشيطان واستغفر الله وأتوب إليه، مع رجوعي إلى الحق والتزامي به أنّى كان.
الدراسات السابقة
بعد البحث والتقصي، تبين للباحث عدم وجود دراسات إسلامية، تناولت الموضوع على نحو هذه الدراسة، علما بأن مفردات الموضوع متناثرة في بطون الكتب، وهذا من قبيل الثقافة الإسلامية، كما أن بعض الباحثين قد تناولوا بعض الجوانب المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنهم قصروا بحوثهم على جانب من هذه الجوانب، كالحقوق أوالتربية أو الدمج ونحو ذلك، ... ومن هذه الدراسات:
١. حقوق المعاقين في التربية الإسلامية، لعلي إبراهيم الزهراني، دارالبخاري، وقد تطرقت إلى حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة من الناحية الفقهية والقانونية.
٢. رؤية الإسلام لذوي الاحتياجات الخاصة، بحث مقدم من الباحث الدكتور رواب عمار، في جامعة الخضير بالجزائر، وهو بحث مختصر، تحدث فيه باحثه عن تكريم الإسلام لذوي الاحتياجات الخاصة.
٣. حقوق المعاق في الشريعة الاسلامية، للدكتور مروان القدومي، بحث مقدم في مجلة جامعة النجاح الوطنية - نابلس، للعام ٢٠٠٤، كان هدف الباحث من بحثه التعريف على مشكلة الإعاقة في التاريخ الاسلامي، وبيان أقوال الفقهاء فيهم، مشيرا إلى فكرة التكافل، والضمان الاجتماعي.
٤. المعاق في الفكر الاسلامي، مقدم من الدكتور: ماهر الحولي، في الجامعة الاسلامية بغزة، للعام الدراسي ٢٠٠٧، وهي رسالة فكرية أكثر من كونها تعريفا بظاهرة الاحتياجات الخاصة، تحدث فيها عن روعة الفكر الاسلامي في تعامله مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وتكريمه لهم، وحرصه على الرقي بهم.
٥. رعاية المعاقين في الفكر التربوي الإسلامي في ضوء المشكلات التي يواجهونها، للباحث رائد أبو الكاس، وهي رسالة ماجستير في التربية الاسلامية، في الجامعة الاسلامية بغزة، للعام
1 / 2
(١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م)، باشراف الدكتور: محمود أبو دف، تحدثت هذه الرسالة عن عناية الاسلام بالمعاقين، والمتطلبات التربوية لرعاية المعاقين في الفكر الاسلامي.
٦. الدمج الاجتماعي الشامل لذوي الاعاقة في المجتمع العربي الاسلامي، بحث مقدم من الدكتور إبراهيم النقيثان، في جامعة الملك سعود، بالمملكة العربية السعودية، للعام (١٤٣٣ هـ-٢٠١٢ م) وهو بحث يركز على الجانب التربوي الاجتماعي أكثر منه على الجانب الاسلامي الفكري. المعاق أوالمَعُوق بين الإسلام ومدارس أخرى.
٧. بحث مقدم من الاستاذ المحامي: هيثم المالح، في سورية، وهو بحث في المقارنة بين القانون الاسلامي، وقوانين وضعية أخرى.
٨. حقوف المعوقين في الشريعة الاسلامية، د. موسى البسيط.
٩. وقد صدرت مؤخرا، رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية بغزة، تحت عنوان: "ذوو الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم، دراسة موضوعية"، وأشرف عليها الدكتور: عصام العبد زهد، ولم أجد أي معلومات تتعلق باسم المؤلف أو سنة النشر، وتناول الباحث في هذه الرسالة موضوع ذوي الاحتياجات الخاصة، ونظرة القرآن الكريم لهم، مقارنة مع نظرة غيرهم من العرب قبل الاسلام، ومن الغرب في الوقت الحاضر، مشيرا إلى حقوقهم في الإسلام.
إلا أن هذه الرسالة لم تتناول موضوع ذوي الاحتياجات الخاصة على النحو الذي ستتناوله هذه الدراسة، ذلك لأن الباحث قَصَرَ رسالته على نظرة القرآن الكريم والمجتمع الإسلامي فقط لذوي الاحتياجات الخاصة دون توسع، ودون أن يتعداه إلى السنة النبوية، وَذِكر نماذج من رعاية القرآن الكريم والسنة النبوية لتلك الفئة، وهذا ما سوف نفصله ــ بإذن الله ــ في هذه الدراسة.
كما أن الرسالة السابقة قد أدخلت ضمن ذوي الاحتياجات الخاصة اليتامى، والأسرى، والمجرمين، إلا أن دراستي سوف تتركز على فئة محددة، هم ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أصيبوا في أجسامهم، سواء كانت إصابتهم حركيةَ أو حسية أو عقلية.
ومن الدراسات السابقة بحث تقدمت به عام ٢٠١٠ م كمشروع تخرج لاستكمال تخصص التربية الإسلامية من جامعة القدس المفتوحة، بعنوان رعاية الإسلام لذوي الحاجات الخاصة، وقد أشرف عليه الدكتور أحمد عزام، وقد أوصاني هو وغيره أن أجعله أساسًا لرسالة ماجستير. كما تقدمت ببحث في مرحلة الماجستير بعنوان "ذوو الحاجات الخاصة ممن خدموا السنة" استكمالًا لمادة الحديث وعلومه وقد أشرف عليه الدكتور خالد علوان، فجعلت هذين البحثين نواة لهذه الدراسة.
1 / 3
أهمية الدراسة
تكتسب هذه الدراسة أهميتها من طبيعة الموضوع الذي تعالجه، فهي تعالج قضية محورية ومركزية وشاملة في جوانب الإسلام المختلفة، سواء في التصورات أو العقيدة أو السلوك أو التشريع، ويمكن إجمال أهمية هذه الدراسة في الآتي:
- أنها جاءت خدمة لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله الكريم ﵊.
- رفع معنويات ذوي الاحتياجات الخاصة، عندما يعلمون مدى اهتمام القرآن الكريم والسنة النبوية بهم، فيصبروا ويحتسبوا أمرهم إلى الله تعالى.
- بيان مدى اهتمام القرآن والسنة بهذه الشريحة المجتمعية.
- تنبع أهمية الدراسة من أن فصولها وبحوثها قد رتّبت من خلال تجربة واقعية عاشها الباحث، حيث أنه يعاني من كف البصر.
- حاجة المكتبة الإسلامية عامة، والدراسات الإسلامية خاصة إلى مثل هذه الدراسة.
أسباب اختيار الموضوع
إن اختيار هذا الموضوع كان الدافع له الآتي:
١. أهمية هذا الموضوع لتعلقه بالقرآن والسنة.
٢. حتى أُجَلّي هذا الموضوع في دراسة يسهل على قارئها تناوله والإلمام به.
٣. لأبين اهتمام الإسلام بذوي الاحتياجات الخاصة وعنايته بهم.
٤. التجربة الواقعية التي أعيشها، من خلال إصابتي بكف البصر.
٥. ونظرا لكثرة ذوي الاحتياجات الخاصة وأعدادهم المتزايدة نتيجة الحروب والحوادث والعوامل الوراثية أردت أن أبين مكانة هؤلاء وكيفية رعايتهم.
٦. بيان وتوضيح للناس كيف رفع الله من قيمتهم في المجتمع.
٧. عدم توافر كتب متخصصة بهذا الموضوع في المكتبة الإسلامية نحو هذه الدراسة.
1 / 4
مشكلة الدراسة
تحاول هذه الدراسة الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما معنى ذوي الاحتياجات الخاصة لغة واصطلاحا؟ وما دلالة ذلك في سياق القرآن والسنة؟
- ما مدى اهتمام القرآن الكريم والسنة النبوية بذوي الاحتياجات الخاصة، وتكريمهم؟
- ما مدى المساحة التي حاز عليها ذوو الاحتياجات الخاصة في المجتمع؟
- كيف عُولجت هذه القضية بكل جوانبها المتعددة في القرآن والسنة؟
- كيف عالج القران والسنة الآثار المترتبة على تهميشهم؟
- ما الوسائل والطرق التي استخدمت في القرآن الكريم والسنة النبوية في التحذير من الإساءة لهم؟
- ما هي حقوق هذه الفئة، وما هي واجباتهم؟
- هل ضرب التاريخ لنا نماذج مشرفة لآثار أناس من ذوي الاحتياجات الخاصة، خدموا كتاب ربهم، وسنة نبيهم، وشرّفوا أمتهم؟
أهداف الدراسة
تتلخص أهداف هذه الدراسة بالآتي:
- لفت الأنظار إلى اهتمام القرآن الكريم والسنة النبوية بذوي الاحتياجات الخاصة.
- بيان الكيفية التي اتُّبِعت في القرآن الكريم والسنة النبوية في الحديث عنهم.
- الإفادة من هذه الآيات والأحاديث في حياة المسلم المعاصر من خلال ما يعيشه من أوضاع وتصورات ومسلكيات تناقض نظرة الشارع تجاههم.
- التحذير من الداء العضال والسلوك المشين، والمتمثل في قلب الصورة تجاههم.
منهجية الدراسة
المنهج المتبع في هذه الدراسة استقرائي تحليلي، وذلك من خلال تتبع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بموضوع البحث، ثم جمع هذه الآيات والأحاديث ودراستها وترتيبها، فبدأت بالآيات القرآنية وفسرتها من كتب التفاسير القديمة والحديثة، فجمعت بين المصادر والمراجع.
1 / 5
فمن المصادر: جامع البيان في تأويل آي القرآن لشيخ المفسرين الإمام الطبري، والوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، وجامع الأحكام للإمام القرطبي.
ومن المراجع: التحرير والتنوير لطاهر بن عاشور، والمنار لمحمد رشيد رضا، وفي ظلال القرآن لسيد قطب، وصفوة التفاسير للصابوني.
كما وقفت على أسباب نزول الآيات للتعرف على الأمور المتعلقة بها وذلك بالرجوع الى كتب هذا العلم ككتاب أسباب النزول للواحدي، ولباب النقول في أسباب النزول للسيوطي.
وبعد ذلك جمعت الأحاديث المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة، والتي بينت فضلهم ومكانتهم، وما لهم وما عليهم، وعَنوَنتُ لها ورتبتها، واستخرجت بعض الفوائد منها، وجمعتها من أمهات كتب الحديث، كصحيح البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد وغيرها، وبينت معانيها من كتب شروح الحديث، كفتح الباري شرح صحيح البخاري لإبن حجر، وشرح النووي على صحيح مسلم، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للقاري وغيرها، وما بحثت عنه ولم أجده في الكتاب والسنة، بحثت عنه في الكتب الأخرى ككتب الفقه والسِّيَر والتاريخ وغيرها، فبينت مكانتهم في القرآن والسنة، وكيف أن الإسلام استطاع أن يؤهل ذوي الاحتياجات الخاصة ويرفع من قدرهم ومكانتهم، فلقد أنجَبَتْ الحضارة الإسلامية من هؤلاء أئمة ومفكرين وعلماء، حملوا مشعلها وَمَشَوْا بها عبر العصور والقرون، وجعلت في دراستي بعض القصص عن هؤلاء، لِمَا للقصص من أثر في نفس القارئ، فإن القصص تحيي القلوب وترفع من همم النفوس، ويمكن إجمال المنهج فيما يلي:
١. اتبع الباحث في كتابته للرسالة المنهج الاستنباطي الاستقرائي أولا، من خلال جمع النصوص المتعلقة بهذا الموضوع من القرآن والسنة.
٢. الالتزام بترقيم الآيات الكريمة مضبوطة بالحركات وكتابتها بالرسم العثماني، وعزوها إلى سورها في جميع مواطن الرسالة وتوثيقها.
٣. الالتزام بتخريج الاحاديث والحكم عليها قدر الإمكان، متمثلا بأقوال العلماء في ذلك.
٤. الرجوع إلى المصادر والمراجع الأصيلة قديمها وحديثها.
٥. إعداد فهارس البحث: فهرس الآيات القرآنية، الأحاديث النبوية، الأعلام المترجم لهم، المصادر والمراجع، فهرس الموضوعات.
٦. تفصيل كل فئة على حده، ثم ربط كل فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة بعضها ببعض.
٧. بيان غريب المفردات والغامض من العبارات الواردة، بالرجوع إلى معاجم اللغة العربية.
1 / 6
خطة البحث
قمت بتقسيم الدراسة إلى مقدمه، وأربعة فصول، وخاتمة شاملة لأهم النتائج والتوصيات، ويتفرع عن كل فصل عدة مباحث، ويتفرع عن بعض المباحث مطالب فرعية، على النحو التالي:
الفصل الأول: مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة والاصطلاح ومعانٍ ذات دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة.
المبحث الأول: مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة.
المبحث الثاني: مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في الاصطلاح.
المبحث الثالث: معانٍ ذات دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة.
الفصل الثاني: أنواع الإصابة وأسبابها عند ذوي الاحتياجات الخاصة.
المبحث الأول: أنواع الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الأول: الإصابة الحركية.
- المطلب الثاني: الإصابة الحسية.
- المطلب الثالث: الإصابة العقلية.
- المطلب الرابع: الإصابة التواصلية.
المبحث الثاني: أسباب الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الأول: الإصابة بسبب عامل وراثي.
- المطلب الثاني: إصابة الجنين أثناء الحمل أو الولادة.
- المطلب الثالث: الإصابة بسبب التعرض للحوادث.
- المطلب الرابع: الإصابة بسبب الإعتداء.
- المطلب الخامس: الإصابة بسبب القصاص في الجنايات.
- المطلب السادس: الإصابة بسبب ما ينتج عن الأمراض العضوية أو النفسية.
الفصل الثالث: ذوو الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم.
المبحث الأول: المصطلحات التي استخدمها القرآن الكريم للدلالة على ذوي الاحتياجات الخاصة.
المبحث الثاني: توجيه القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الأول: هداية القرآن الكريم الى الطريق القويم.
- المطلب الثاني: أسس المجتمع الإسلامي في القرآن الكريم وعلاقتها بذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الثالث: المصيبة في الإيمان أعظم من مصائب الأبدان.
- المطلب الرابع: التقوى والإيمان أساس المفاضلة في القرآن الكريم.
- المطلب الخامس: ما أصاب ذوي الاحتياجات الخاصة فبقدر الله عزوجل.
1 / 7
- المطلب السادس: عظم أجر الصابرين عند الله تعالى.
المبحث الثالث: مواقف خلدها القرآن الكريم لأناس من ذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الأول: موقف أيوب ﵇ وصبره على الإبتلاء في جسده.
- المطلب الثاني: موقف يعقوب ﵇ وصبره على الإبتلاء في بصره.
- المطلب الثالث: موقف شعيب ﵇ وصبره على الإبتلاء بالعمى.
- المطلب الرابع: موقف موسى ﵇ وصبره على الإبتلاء بعقدة اللسان.
- المطلب الخامس: موقف ضمرة بن العيص وصبره على الإبتلاء في بصره.
- المطلب السادس: موقف عمرو بن الجموح وصبره على الإبتلاء بالعرج.
- المطلب السابع: موقف عبد الله بن أُم مكتوم وصبره على الإبتلاء بالعمى.
- المطلب الثامن: موقف ثابت بن قيس وصبره على الإبتلاء بالصمم.
- المطلب التاسع: موقف معاذُ بْن جَبَلِ وصبره على الإبتلاء بالعرج.
- المطلب العاشر: موقف عبد الرحمن بن عوف وصبره على الإبتلاء بالعرج.
- المطلب الحادي عشر: موقف طلحة بن عبيد الله وصبره على الإبتلاء بشل يده.
المبحث الرابع: عناية القرآن الكريم بذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الأول: دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع وعدم النفور منهم.
- المطلب الثاني: احترام وتقدير ذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الثالث: حسن معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية مطالبهم.
- المطلب الرابع: استثناء القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة من بعض التكاليف.
- المطلب الخامس: نزول قرآن بحق ذوي الاحتياجات الخاصة.
المبحث الخامس: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم.
- المطلب الأول: حقهم في الحياة.
- المطلب الثاني: حقهم في الكرامة.
- المطلب الثالث: حقهم في الحرية.
- المطلب الرابع: حقهم في التعلم والتعليم.
- المطلب الخامس: حقهم في الكسب والتصرف والتملك.
- المطلب السادس: حقهم في العمل.
- المطلب السابع: حقهم المالي من مصارف الزكاة.
- المطلب الثامن: حقهم في الزواج والإنجاب.
الفصل الرابع: ذوو الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية.
المبحث الأول: مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية.
1 / 8
- المطلب الأول: عناية الرسول ﷺ بذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الثاني: مراعاة الرسول ﷺ لقدرات الضعفاء.
- المطلب الثالث: رحمة النبي ﷺ بذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الرابع: الرسول ﷺ يوصي بذوي الاحتياجات الخاصة.
المبحث الثاني: توجيهات السنة النبوية لذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الأول: بشرى النبي ﷺ لذوي الاحتياجات الخاصة.
- المطلب الثاني: العبرة بسلامة القلوب والسرائر لا بسلامة الأجساد والمظاهر.
- المطلب الثالث: توجيه السنة لذوي الاحتياجات الخاصة للإندماج في المجتمع.
- المطلب الرابع: البلاء يكشف عن معادن الرجال.
المبحث الثالث: شخصيات ذوو احتياجات خاصة من أصحاب رسول الله ﷺ خلدتهم السنة النبوية.
خاتمة البحث: وفيها أهم النتائج والتوصيات.
1 / 9
الفصل الأول
مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة
في اللغة والاصطلاح
ومعانٍ ذات دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول - مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة.
المبحث الثاني - مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في الاصطلاح.
المبحث الثالث - معانٍ ذات دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة.
1 / 10
مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة
في اللغة والاصطلاح ومعانٍ ذات دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة
ما من مجتمع من المجتمعات قديما أو حديثا إلا وظهرت فيه مجموعة أو مجموعات من بني البشر، ابتلاهم الله ﷾ بنقص أو ضعف في أجسادهم أو عقولهم أو حواسهم، ابتلاءً لهم من جهةٍ وليختبر بهم غيرهم من جهة أخرى، فلا بد للمجتمع من رعاية هذه الفئة الضعيفة ومعرفة قدرها، ولقد أُفردت في القرآن الكريم والسنة النبوية نصوصٌ بَيَّنت قَدر ومكانة هذه الفئة وما لها وما عليها، ونظرًا لِأهمية هذا الموضوع فقد رأيت أن أُلقي الضوء عليه من خلال هذه الدراسة، والتي لا بد أن أمهد لها ببيان مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة والاصطلاح، فجاء هذا الفصل في مباحث ثلاثة:
• المبحث الأول- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة:
لكل كلمة من كلمات اللغة العربية أصلٌ في اللغة، فلا بد من الرجوع الى معاجم اللغة للتعرف على اصلها وإستيضاح مدلولها، وفي هذا المبحث نستوضح معنى ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة.
ذوو بمعنى أصحاب، مفردها "ذو الذي بمعنى صاحِبٍ"، (١) فذوو الاحتياجات، أي أصحاب الاحتياجات، والاحتياجات جمع إحتياج كما جاء في معجم مقاييس اللغة: وهو ما يفتقر اليه الإنسان ويطلبه. (٢)
وجاء في قاموس اللغة العربية المعاصر: "أحوجَ يُحوج، إحواجًا، فهو مُحوِج، والمفعول مُحوَج "للمتعدِّي"، أحوج الشَّخصُ: افتَقَر وصار ذا حاجة "أحوج بعد يُسرٍ"، أحوج الأمرُ فلانًا إلى كذا: أحوج الأمرُ فلانًا لكذا: جعله مفتقرًا إليه". (٣)
وجاء في المعجم الوسيط: الاحتياجات جمع حاجة، يقال حاج حوجًا أي افتقر، ويقال أحوج إليه أي جعله محتاجا إليه، وتحوّج أي طلب الحاجة.
وأما كلمة الخاصة: الخاصة: هم خلاف العامة، والذي تخصه لنفسك، وخاصة الشيء أي ما يختص به دون غيره، ويقال اختص أي افتقر إلى شيء. (٤)
بناء على ما سبق من المعاني اللغوية يتبين ان ذوي الاحتياجات الخاصة فئة من الناس يفتقرون الى بعض الامور فيطلبونها، أو تطلب لهم ليحققوا ما يحتاجون اليه.
_________
(١) - الجوهري، ابو نصر اسماعيل بن حماد الجوهري، (توفي: ٣٩٣ هـ)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق احمد عبد الغفور عطار، بيروت، دار العلم للملايين، ط ٤، ١٤٦٧ هـ-١٩٨٧ م، ج ٦، ص ٢٥٥١.
(٢) - انظر؛ ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن زكرياء القزويني الرازي، (توفي: ٣٩٥ هـ)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، ج ١، ص ٥٧٧.
(٣) - عمر، د أحمد مختار عبد الحميد، (توفي: ١٤٢٤ هـ) بمساعدة فريق عمل، معجم اللغة العربية المعاصر، عالم الكتب، ط ١، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م ج ١، ص ٥٧٧.
(٤) - انظر؛ أنيس، إبراهيم، ومؤلفون، المعجم الوسيط، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط ٢، ج ١، ص ٢٠٤، ٢٣٠.
1 / 11
• المبحث الثاني- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في الاصطلاح
بعد أن عَرَفنا مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة بقي أن نتعرف على مدلوله من جهة الاصطلاح.
هناك علاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي لمفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم مجموعات من أفراد المجتمع يُقصِّرون عن مستوى الأفراد العاديين، الأمر الذي يتطلب الرعاية الخاصة بهم بما يتناسب مع قدراتهم وإمكاناتهم وظروفهم الخاصة، حتى يمكن الوصول بهم إلى مستوى أفضل من التوافق الشخصي، أو النفسي، أو الاجتماعي. (١)
فذوو الاحتياجات الخاصة: "هم أفراد يعانون نتيجة عوامل وراثية أو بيئية مكتسبة، من قصور القدرة على تَعلُّم أو اكتساب خبرات أو مهارات وأداء أعمال، يقوم بها الفرد العادي السليم المماثل لهم في العمر.
وهناك تعريف آخر لذوي الاحتياجات الخاصة: وهو يعني أن في المجتمع أفرادا لهم احتياجات خاصة تختلف عن احتياجات باقي أفراد المجتمع، وتتمثل هذه الاحتياجات في برامج أو خدمات أو أجهزة أو تعديلات، وتحدد طبيعة هذه الاحتياجات، الخصائص التي يتسم بها كل فرد منهم". (٢)
" وقد اتفق المشاركون في المؤتمر القومي الأول للتربية الخاصة عام (١٩٩٥ م) على استخدام مصطلح الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ويقصد به الفرد الذي يحتاج طوال حياته أو خلال فترة من حياته الى صفات خاصة، كي ينمو أو يتعلم أو يتدرب أو يتوافق مع متطلبات حياته، اليومية أو الأسرية أو الوظيفية أو المهنية.
يمكن تعريف ذوي الاحتياجات الخاصة على أنهم الافراد الذين يعانون من اضطرابات خاصة، يمكن تشخيصها بأساليب علمية، في مرحلة المهد والطفولة والمراهقة". (٣)
بناء على ما سبق من التعريفات اللغوية والاصطلاحية يتبين ان ذوي الاحتياجات الخاصة، اذا ما قورنوا بغيرهم من أهل العافية، فسيظهر عندهم نقص كلي أو جزئي في أطرافهم، أو عقولهم، أو حواسهم، بسبب عامل وراثي أو بيئي مكتسب، فهم بذلك تكون لهم قدرات وإمكانات تختلف عن أهل العافية في التعليم والعمل واكتساب المهارات والخبرات، لأنهم يفتقرون الى بعض الاحتياجات، وتتمثل هذه الاحتياجات في برامج أو أجهزة أو تعديلات بيئية.
_________
(١) - انظر؛ غباري، محمد سلامه، رعاية الفئات الخاصة، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، ٢٠٠٣ م، ص ١٣.
(٢) - http://ejabat.google.com
(٣) - ابراهيم، د. مجدي عزيز، مناهج تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية، ص ٦٣، ٦٤.
1 / 12
• المبحث الثالث- معانٍ ذاتُ دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة
لا شك أن مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة، هو أفضل المصطلحات المستخدمة للتعريف بهذه الفئة من الناس، لأنه لا يترك أثرًا سلبيًا على نفسية صاحب الحاجة الخاصة، ومن يحيط به عند استخدامه، بخلاف المصطلحات الأخرى، التي درجت بين الناس كالمعاق، والعاجز، وأصحاب العاهات، فإنها تترك أثرًَا سلبيا على نفسية صاحب الحاجة الخاصة، أو من يحيط به، وهذا يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التي من مقاصدها حفظ النفس، فبناءً عليه لا يصح إيذاؤها بفعل أو كلمة أو إشارة.
ونجد القرآن الكريم قد راعى هذا الجانب النفسي، قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)﴾ [البقرة: (١٥٦)]
والصبر على ثلاثة أنواع، صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على الابتلاء.
" فالصبر ترك الشكوى، والصبر حَدُّهُ ألا تعترض على التقدير، فأما إظهار البلوى على غير وجه الشكوى فلا ينافي الصبر". (١)
وقوله تعالى: ﴿مُّصِيبَةٌ﴾ أي كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه، فتضمنت الآيتين الكريمتين ثناءَ الله تعالى على أصحاب الاحتياجات الخاصة "المصابين"، وامتَدَحهُم بصفة الصبر إن هم سَلَّموا أمرهم الى الله تعالى واسترجعوا، ولم يذكر صفة تؤذيهم في مشاعرهم وأحاسيسهم، مع أن مِنْ بينهم مَنْ فَقَدَ رِجله أو يده أو سمعه أو بصره، وقد أكد الله تعالى على هذا المعنى في آيات كثيرة، وفي السنة النبوية ما يدل على هذا المعنى:
"فعن أنس بن مالك ﵁ أن النبي ﷺ رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال: (إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟، قال وهم بالمدينة حبسهم العذر). (٢) فنجد النبي ﷺ قد أطلق عليهم مصطلح أصحاب الأعذار ولم يسمهم بتسمية سلبية كمصطلح العجزة، فالعاجز من أَتبع نفسه هواها وإن كانت اعضاؤه وحواسه سليمه، وجسمه قوي، فهذا هو العاجز الذي عجز أمام هواه، ولم يطلق عليهم المعاقين أو المُعَوَّقين فالمُعاق بالحقيقة من أعاقه عقله عن اتباع الحق والهدى.
_________
(١) - القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين (توفى: ٦٧١ هـ)، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، القاهرة، دار الكتب المصرية، ط ٢، ١٣٨٤ هـ-١٩٦٤ م، ج ٢، ص ١٧٤.
(٢) - البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله الجعفي، صحيح البخاري، (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه)، تخقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، ط ١، ١٤٢٢ هـ، كتاب المغازي، باب، ج ٦، ص ٨، حديث رقم ٤٤٢٣.
1 / 13